هم بأهل لها فضرب الشرع على الرؤوس الصالحين للقتال لو كانوا مسلمين مالاً للمقاتلة من المسلمين ليكون المال عوناً لهم فيحصل بأموالهم بعض النصرة، ثم النصرة بالقتال كان يجب متكرراً غير دائم فكذلك المال الذي هو بدله إلا أن الشرع قدره بالحول تيسيراً للعمل به وتشبيهاً بالمؤن الشرعية.
أما الحج فسبب وجوبه: البيت دون الوقت، بدليل أنه لا يتكرر بتكرر الوقت، وإنما يجب مرة لأن السبب هو البيت وإنه لا يتجدد بتجدد الوقت، وكذلك يضاف إلى البيت فيقال: حج البيت قال الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت} إنما الوقت شرط عنده يجب كحين الإقامة في صوم المسافر، وفيه يؤدى كوقت الصلاة واليوم في حق الصوم والأداء.
وأما الاستطاعة فصفة للعبد عندها يحل الوجوب به تيسيراً علينا لما في السفر بلا زاد ولا راحلة من المشقة، كالإقامة في باب الصوم وليس بصفة لما هو سبب من البيت فلا يجعل من السبب كالطهارة تجب للصلاة، ولا تجب إلا على المحدث فلم يكن الحدث سبباً للوجوب ولهذا قيل: إذا عجل العبد الحج قبل الاستطاعة أجزأه، فتفسير الاستطاعة ملك الزاد والراحلة، والأداء قبل ملكهما جائز لأن السبب قد وجد كما يجوز للمسافر أن يصوم قبل الإقامة لأن السبب وهو الشهر قد وجد، ولذلك لا يتجدد الوجوب بتجدد ملك الزاد والراحلة، ولا يضاف إليهما فصار تأويل الآية- والله أعلم-: ولله على الناس المستطيعين حج البيت حقاً للبيت، واجباً بسببه إذا جاء وقت الأداء.
فإن قيل: إن وقت الحج أشهر الحج وهي شوال إلى العاشر من ذي الحجة، والأداء غير جائز لأول شوال فكيف يقال إنه شرط الأداء، وعلم أنه سبب الوجوب؟
قلنا: قد ذكرنا أن امتناع جواز الأداء شرعاً في وقت يدل على أنه ليس بسبب للوجوب، ثم الجواب أن الأداء جائز في الوقت كله فإن من أحرم بالحج في رمضان وطاف بالبيت وسعى فيه ثم طاف طواف الزيارة فعلية أن يعيد السعي لأنه كان قبل الوقت، ولو طاف وسعى في شوال لم يكن عليه الإعادة لأنه كان في وقته إلا أن للحج أركاناً أخر ولكل ركن وقت على حدة، فلم يجز قبل وقته الخاص، كما لا يجوز طواف الزيارة قبل يوم عرفة وهو وقت أداء الركن الأعظم، ولا يجوز رمي اليوم الثاني في اليوم الأول ولا قبل الزوال، والسعي واجب غير مؤقت بوقت خاص فيؤدى في جميع وقت الحج.
وأما سبب وجوب صدقة الفطر على المسلم: فرأس يلزمه مؤنته بولايته عليه، ووقت الفطر شرط عمل السبب في الإيجاب عنده بدليل تضاعف الوجوب بتضاعف هذه الرؤوس أحراراً كانوا كالأولاد الصغار أو مماليك، وإن كان يوم الفطر واحداً.
وكذلك يجب على من أسلم ليلة الفطر أو بلغ ولم يكن عليه صوم فعلم أن الصوم