ما لهم عصمة فلا يكون تملكهم بسبب الاستيلاء عقوبة كما في حق البهائم وإنما لم يملك غيرهم بالاستيلاء لعصمة ثبتت لهم من الله تعالى كرامة فيكون زوال العصمة بالكفر حقيقة أو تبعاً لأبويه بمنزلة زوال النعمة، فلا يكون عقوبة واجبة على أحد بمنزلة زوال الصحة والحياة والمال وسائر الكرامات.
فأما الجواب عن استدلالهم بالعشر وصدقة الفطر: أما صدقة الفطر فتجب على الأب بسبب ولايته على رأس الصبي ومؤنته كما تجب على المولى بسبب رأس عبده حتى أوجبنا على العبد الكافر، وأما جواز الأداء من مال الصبي فلأن وجوبها بمنزلة وجوب المؤنة عن رأسه، والمؤن تتأدى بولاية جبرية كالعشر والخراج وأنه شبهه لا في هذه المسألة وقد خالف محمد أستاذه فيه.
فأما العشر عندنا فمؤنة الأرض كالخراج، ولهذا لا يجتمعان وإذا كان العشر من حقوق غير الله صح تأديه بولاية جبرية على من عليه الحق كما صح أخذ القاضي من البالغ كرهاً ولا يكون لمن أخذ منه ثواب فعل العبادة، وإنما يكون له ثواب ذهاب المال في وجه الله تعالى بمنزلة ثواب المصائب.
فأما إذا كان الحق لله تعالى صار الأصل فيه الفعل فإن العبادة اسم للفعل دون المال، وإنه اسم لفعل يأتي به من عليه على سبيل الاختيار ليثاب عليه فلا يجوز تأديه بدون فعل منه على اختياره.
ولهذا قلنا: ليس للسلطان أن يأخذ الزكاة من صاحبه كرهاً كما يأخذ ديون الناس.
ولهذا قلنا: لا تؤخذ من تركته بعد موته بدون الوصية بخلاف العشر وحقوق الناس فصار المعنى الذي اعتبره الخصم للفرق بين المالي والبدني حال عجز الصبي عن الأداء بنفسه معتبراً في حقوق غير الله تعالى فالمالي منها يلزم الصبي دون البدني.
وأما ما يجب لله تعالى فالمالي والبدني سواء ويسقط عن الصبي ما احتمل للسقوط ولا يسقط عنه ما لا يحتمله والأداء ساقط في الأحوال كلها، والله أعلم.