ووجوب أصل الإيمان على الصبي لا يوجب تضاعف الأداء بعد البلوغ ولا زيادة.
ولأن الصبي مثل البالغ في حق صحة الوجوب عليه متى تقرر سبب الوجوب في حقه كما في حقوق العباد، وإنما لم يصح الوجوب عليه إذا لم يصح السبب لأن السبب لا يعتبر صحيحاً شرعاً لنفسه بل لحكمه فمتى وجد صحيحاً لا بد أن يكون حكمه معه فإنه متى تخلف عنه أصلاً لم يكن سبباً.
وما عرف سبباً لذلك الحكم إلا بحكمة كبيع الحر وطلاق البهيمة ونحوهما لا يكون بيعاً ولا طلاقاً شرعاً ثم الآيات الدالة على الله تعالى لا تتصور أن لا تكون آية على حدوث العالم للمستدلين، ولا حدوث العالم يتصور أن لا يكون دلالة على محدث فكذلك ما تعلق بها من وجوب النظر فيها علينا لا يجوز أن يون ساقطاً بحال وإن كان يسقط الأداء عنا لفقد شرط الأداء من القدرة.
فأما وقت الصلاة فيجوز أن لا يكون سبباً للوجوب ولم يكن كذلك قبل الشرع فجاز أن لا يثبت سبباً في حق الصبي، وكل معذور سقط عنه الوجوب.
وكذلك أسباب الأجزية وكل ما صارت أسباب شرعاً، ولولا الشرع لما كانت أسباباً ولا عللاً في أنفسها فثبت أن الصبي إنما يسقط عنه وجوب ما يحتمل أن لا يكون في نفسه حقاً لله واجباً دون ما لا يحتمل.
ثم المالي والبدني من العبادات سوء وكذلك الأجزية: لأن العبادات اسم لنوع ابتلاء الآدمي بفعله تعظيماً لله تعالى مختاراً لطاعته على خالف هوى نفسه لا على سبيل الجبل والإكراه لأنه يجازى على وفاق فعله، ولا جزاء يستقيم في الحكمة مع الجبر لأنه لا فعل للجبر على الحقيقة فلا يستحق الجزاء ألا ترى أن الحقوق التي نستحقها فيما بيننا بأداء الأفعال لا تثبت إلا لمن يفعل مختاراً بنفسه أو نائباً عنه ثبت نائباً عنه بأمره واختياره.
إلا أنا في البدني ابتلينا بفعل يتأدى بالبدن.
وفي المالي بفعل يتأدى بالمال.
أما فعل لسان من نحو الإعتاق أو فعل يد كالإعطاء إلا أن المالي مرة يتأدى بمباشرتي ومرة بغيري كما زعمت، ولكن لا بد أن يكون الفعل مضافاً إلى على سبيل الاختيار مني، ولن يتصور الاختيار إلا أن يكون الولي علي بأمري فأما متى ثبت، ثبت شرعاً بلا اختيار مني فيكون كإعطار مني جبراً فلا يكون عبادة فالخصم زل خاطر قلبه عن اعتبار صفة الاختيارية.
وأما الأجزية فلا تجب إلا على ارتكاب ما يلزم العبد الانتهاء عنه حقاً لله تعالى، والانتهاء أداء حق النهي كالائتمار أداء حق الأمر.