الصوم والحج والصلاة واجبة وإن صحت في حق الآخرة والثواب.
وكذلك الردة لأن أحكام الردة في الدنيا علقت بترك الإسلام الواجب ولا وجوب فلم يعتبر في حق أحكام الدنيا.
وقال: ولا يلزمنا قولنا: أنه إذا صلى الظهر ثم بلغ في الوقت أو أحرم بالحج ثم بلغ قبل الوقوف فإنه يقع عن الفرض لأنا إنما أسقطنا الوجوب عنه رحمة عليه ونظراً له ودفعاً للحرج عنه، والنظر في هذه الحالة أن لا يسقط الوجوب لأن الفرض لزمه لما بلغ قبل مضي الوقت.
وكذلك فرض الحج يلزمه إذا بلغ قبل الوقوف بعرفه فمتى جعل الوجوب عليه في حال صباه ترفه بالسقوط عنه بما أدى ومتى لم يجعل عليه الوجوب بقي تحت عهدة الوجوب إلى أن يؤدى ثانياً وهذا كما قلتم في المعاملات أن قبول الهدية يصح، وهبته لا تصح لأن في الهبة ضرراً وفي القبول نفعاً.
وقلنا نحن: إن صدقته باطلة، ووصيته بالصدقة صحيحة، لأن الصدقة حال الحياة تضره للحال إن نفعته في الأخرة وبعد الموت تنفعه في الآخرة، ولا تضره للحال لأن الملك يزول بالموت لولا الصدقة.
وقلنا جميعاً إن نفل الصلاة مشروع في حقه دون الفرض لأن شرع النفل نفع محض إن فعل انتفع به، وإن ترك لم يؤاخذ به والفرض يضره من وجه، وهو المؤاخذة على الترك ولا يلزمني إبطالي قبول هبته لأن الشرع لما جعل ذلك النظر مستوفى له من قبل الولي، وقعت به الغنية عن ترك الأصل الممهد في بابه لاستيفاء النظر إليه كما لا يجوز بيعه ما يساوي درهماً بألف درهم، وفيه نفع له لأنه مما يستوفي له ذلك بالولي، والله أعلم.
والحجة لعلمائنا رحمهم الله: أنه لما ثبت أن الصبي مثل البالغ في أهلية الوجوب عليه، وأن السقوط عنه بعذر الحرج كما في حق البالغ لم يسقط إلا ما احتمل أن لا يكون مشروعاً حقاً لله تعالى كالصلوات الخمس والفروع التي تحتمل النسخ والتبديل وثبوتها مشروعة بعد البلوغ في وقت دون وقت وحقية الله تعالى بصفاته لا تحتمل أن لا تكون ثابتة مشروعة حقاً لله تعالى دائماً.
ألا ترى أنا لا نجد شيئاً من العبادات والأجزية إلا ويسقط بعد البلوغ بعذر ما فكان السقوط بعذر الصبي أولى لأنه رأس الأعذار لأنه لأول أمره لا يقدر أصلاً ولا تتم قدرته ما لم تعتدل قواه.
ولأن سقوط ما يسقط عن الصبي لم يكن إلا للعجز عن الأداء دفعاً للحرج عنه حتى لا يتضاعف عليه القضاء بعد البلوغ