بسببه كقولك لآخر: أد الثمن للشراء والنفقة للنكاح.
فإن قيل: كيف يقال أن الأمر لا يحتمل التكرار، ولو قرن به التكرار تفسيراً له لاستقام كقول القائل لآخر: طلق امرأتي! مرتين أو ثلاث مرات فكانت المرة نصباً على التفسير، ولو لم يحتمله مطلق الأمر كان الذكر تفسيراً له، وكذلك تقول: صم أبداً، أو أياماً كثيرة.
قلنا: هذا القرآن لم يصح لغة على سبيل التفسير لما يحتمله، ولكن على سبيل التغيير إلى معنى آخر ما كان يحتمل مطلقه بل يحتمل التغيير إليه، كما يصح قران الشرط بالطلاق والاستثناء بالجملة على سبيل تغيير موجبه إلى وجه آخر لا على سبيل بيان موجب المطلق منه.
فإن قول القائل: أنت طالق ثلاثاً ما كان يحتمل التأخير ولا ثنتين، ولو قال: إلى شهر إلا واحدة تأخر إلى شهر ولم يقع إلا ثنتان.
وأما النصب فليس على معنى التفسير ولكنه لقيامه مقام المصدر، وقوله: طلق امرأته ثلاث مرات أي؛ تطليقات ثلاثاً على أن النصب وإن جاز على سبيل التفسير فيجوز على بيان تغيير موجبه مطلقاً إلى موجب آخر باقتران زيادة به، ولهذا قالوا: إن من قال لامرأته: أنت طالق وسكت؛ طلقت مع هذه اللفظة، ولو قال: ثلاثاً لم تطلق إلا مع قوله: ثلاثاً، فتأخر الوقوع إلى العدد، ولو كان هذا تفسيراً له لم يتغير به حكمه بل كان يتقرر، وكذلك المرات.
وأما قولنا: إنه يحتمل كل الفعل المأمور به، فلأن قول القائل لآخر: ادخل الدار! أمر بفعل الدخول وإنه يتناول كل ما يتصور منه دخولاً كما يتناول البعض.
والدخول اسم للفعل وللفعل كل وبعض من جنسه كما لغير الفعل من الأعيان وغيرها، فإنه اسم لجنس الفعل فيعتبر بأسماء أجناس الأشياء سوى الأفعال نحو الماء والطعام والناس.
ثم حكم المتعلق باسم الجنس يتعلق بأدنى ما ينطلق عليه الاسم على احتمال العموم على ما نذكر في باب ألفاظ العموم، فكذلك هذا.
ولهذا قلنا فيمن قال لامرأته؛ طلقي نفسك: أنها على واحدة فإن نوى ثلاثاً صح لأنه نهوى الكل وهو يحتمله وإن نوى ثنتين لم يصح لأنه نوى التكرار والعدد لا غير، إلا أن تكون المرأة أمة فيصح لأنهما كل طلاقها عندنا.
ولو قال لعبده: تزوج، لم يملك إلا امرأة ولو نوى ثنتين يصح لأنه نوى الكل لأنهما كل نكاحه، لا لأنه نوى التكرار.