وقال أيضا: إن الزنا لا يوجب حرمة المصاهرة لأنه وطء رجمت عليه، والنكاح فعل عقد حمدت عليه.
فإن قال: وجب أن لا يشارك هذا في حكم هذا بطل بوجوب الاغتسال والمهر. وإن قال: في حكم المصاهرة.
قلنا له: ولم؟
فإن قال: لأن الصهر نعمة والزنا حرام، رجع إلى التأثير فبطل بالوطء عن نكاح فاسد.
فإن قال: ثم إنما يثبت لما فيه من جهة الحل على حسب اختلاف الناس فيه، فقد رجع عن الطرد إلى طريقتنا من بيان التأثير.
وقلنا له: إن المصاهرة لا تثبت بالزنا عندنا لأنه معصية، والمصاهرة كرامة فلا تضاف إلى المعاصي، ولكنه سبب لحراثة الولد في هذا المحل على ما بينا في موضعه، ولا معصية من حيث الحراثة فإنه أمر مشروع بسببه.
وكذلك قولهم: إن الغصب عدوان فلا يكون سببا للملك كالقتل، هذا باطل باستيلاد الأب أمة ابنه، واستيلاد أحد الشريكين أمة بينهما.
فإن قالوا: أوجبنا الملك فيهما لما لهما من تأويل الاستحلال شرعا، لا من حيث العدوان كان رجوعا إلى التأثير، وحرف المسألة فإنا نوجب الملك بالغصب لأنه سبب ملك البدل، وهذا حكم شرعي وليس بعدوان.
وكذلك قولهم: إن المنافع أموال فتضمن بالإتلاف قياسا على الأعيان.
قلنا: هذا باطل بالمتلف إذا كان معسرا.
فإن قالوا: هناك يضمن لكن الاستيفاء يتأخر إلى الميسرة كان هذا رجوعا إلى التأثير، لأن المتلف ضامن عندنا ههنا، لكن الاستيفاء يتأخر بعذر العجز عن إصابة المثل إلى حين الإصابة في الآخرة، وإنه حرف المسألة فإن العدوان موجب ضمان المثل، فلا يمكن الاستيفاء إلا بعد القدرة على المثل.
وعندنا الأعيان أجود من المنافع وليسا بمثلين، وعنده هما مثلان فيرجع الكلام إلى هذا ويبطل الطرد الذي اعتمده.
وكذلك قولهم: إن إسلام الهروي في الهروي يجوز، لأنه أسلم مذروعا في مذروع، هذا يبطل بما إذا شرطا شرطًا فاسدا.
فإن قالوا: إنما بطل بالشرط الفاسد لا بالوصف الذي قلنا، كان رجوعا إلى حرف المسألة، فإن الفساد عندنا بعلة محرمة وهو الجنس لا بالذرع فيرجع الكلام إلى أن الجنس محرم أولا ويبطل الطرد، والله أعلم.