لأنا نقول: أيشترط تعيين النية قبل تعينه، أم بعد تعينه أم مطلقا في الحالين جميعا؟ فلابد من أن يقول: قبل تعينه فلا يجد في صوم رمضان لأنه متعين، ويضطر إلى الرجوع إلى حرف المسألة فإنا أسقطنا نية التعيين لتعينه.

وكقولهم في بيع تفاحة بتفاحة: أنه باع مطعوما بجنسه مجازفة فوجب أن يرحم قياسا على الصبرة بالصبرة.

لأنا نقول: أتعنون حرمة مطلقة أم حرمة تزول في هذا المحل بالمساواة كيلا؟ فإن قالوا: حرمة مطلقة، لم نسلم لهم لأن الحرمة في الأصل تزول بالمساواة كيلا، وإن قالوا: حرمة تزول بالمساواة لم يجدوا في الفرع إذ ما للتفاحة بالتفاحة حال مساواة يجوز البيع معها عند الخصم، فتبين به حرف المسألة فإن الحكم عندنا حرمة نزول بالمساواة، لا حرمة مطلقة فلا يثبت إلا في محل قابل لمفاضلة محرمة، ومساواة مبيحة في نفسه.

وكقولهم للثيب الصغيرة: إنها ثيب يرجى مشورتها فلا تزوج كرها.

لأنا نقول: ما تعنون بقولكم: كرها فلابد أن تقولوا بدون رأيها إذ ليس ههنا إكراه تخويف، فنقول: بدون رأيها، ولها رأي معتبر شرعا أو غير معتبر، فلابد من قولهم معتبر لأن ما لا يعتبر شرعا لغو اعتباره، ومتى قالوا: معتبر لم يجدوه في الفرع وتبين به حرف المسألة.

وكذلك إذا قالوا: إن الحيوان يثبت دينا في الذمة مهرا فيثبت سلما قياسا على المكيل.

قلنا: أيثبت دينا مهرا معلوما بالوصف أم بالقيمة؟

فإن قالوا: بالوصف، لم نسلم لهم بالمهر.

وإن قالوا: بالقيمة، لم يجدوه في الفرع.

وإن قالوا: بنا غنية عن هذا التفسير.

قلنا لهم: لا غنية لكم لأنكم جعلتم أحد الدينين نظيرا للآخر، وإنما يكونا نظيرين إذا كان طريق ثبوتهما واحدا، وإنهما مختلفان عندنا فالسلم لا يثبت إلا معلوما بوصفه، والحيوان لا يصير معلوم المالية بالوصف، وأما المهر فيثبت بالتسمية مطلقا، وكينونته معلوم المالية بالوصف ليس بشرط لدليل، قام لنا فيه فيظهر حرف المسألة.

وكذلك إذا قالوا: إن الطعام بالطعام جمعهما علة ربا الفضل فيشترط القبض في المجلس كالثمن بالثمن.

قلنا لهم: إن القبض عينه ليس بشرط فيما هو ثمن، إنما الشرط هو التعيين حتى لا يكون دينا بدين لأن الأثمان لا تتعين، وإن عنيت إلا بالقبض، والطعام مما يتعين فيظهر به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015