الكيل، فثبت أن الحرمة متعلقة بالمجازفة كيلا لا بمجازفة مطلقة.
وإذا فسروا بالمجازفة كيلا لم يجدوها في التفاحة لأن المجازفة كيلا فيما لا كيل له محال، فيضطرون إلى الرجوع إلى قولهم: إن الطعم علة تحريم البيع في الجنس إلا بزيادة شرط وهو المساواة كيلا وهو حرف المسألة فإن الحرمة عندنا متعلقة بالفضل كيلا، وقد حرم الفضل كيلا بصفة الكيل والجنس على ما بينا في موضعه.
ومن ذلك قولهم، للثيب الصغيرة: أنها ثيب يرجى مشورتها فلا تزوج كرها قياسا على البالغة.
لأنا نقول: يرجى مشاورتها برأي قائم، أو برأي مستحدث، أم بأيهما كان.
إن قلت: بأيهما كان فبطل بالمجنونة فإن حدوث رأيها غير مأيوس عنه.
وإن قال برأي قائم لم نجده في الفرع، وتبين حرف المسألة، وهو أن القاطع لولاية الغير رأي قائم لا رأي سيحدث، فإن ما سيحدث من علة أو مانع لا يوجب حكما قبل الحدوث، والرأي هو القاطع فلم يجز أن يتعجل القطع على الرأي ولأن رأيا سيحدث لو قطع الولاية لما ثبتت الولاية على صبي ولا صبية، ولما لم يلتفت للحال إلى طلبها ورضاها وردها علم أن الرأي ساقط العبرة شرعا دون رأي الولي فلم يجز أن يبطل به حكم رأي الولي، ورأيها ساقط العبرة دون رأيه، وعلى هذا الوجه يتبين عوار من دخل في الأمر على حسن الظن بلا رؤية تميز له الصواب من الخطأ.
وأما الحكم: فنحو قولهم: إن المسح ركن في الوضوء فيسن تثليثه قياسا على الغسل، لأنا لا نسلم أن سنة الغسل في التثليث بل في الإكمال كما يكمل القراءة والقيام، والإكمال صفة الأصل فلا تثبت إلا بما هو جنس الأصل، والأصل لم يتصور إلا في محل مخصوص، فكذلك الإكمال كإكمال القراءة لا يكون إلا بالقرآن الذي يتأدى به أصل الفرض في القيام.
ولما استوعب الفرض كل محل لم يمكن إكمال فعل الغسل في ذلك المحل إلا بالتكرار، فكان التكرار لضرورة ضيق المحل لا لكونه ركنا، وقد أمكن الإكمال في المسح بغير تكرار فلم يجب فيضطر إلى الرجوع إلى حرف المسألة، فإنا أسقطنا التثليث لأن المرة المستوعبة من المسح كالغسل بالتثليث.
ولا يلزم على ما قلنا إكمال مسح الرأس بمسح الأذنين، ولا يتأدى الفرض بهما لأن الأذنين صارا من الرأس بالسنة إكمالا للرأس الذي هو محل ثم المسح شرع في المحل لأن المسح بهما شرع إكمالا بنفسه لمسح الرأس.
وكقولهم: إن صوم رمضان صوم فرض، فوجب أن يشترط لصحته نية تعيين الفرض قياسا على القضاء.