قلنا لهم: إن علتنا أولى لأن الحكم ينعدم بعدمها، وهو صرف الدراهم بالدراهم أو إسلام الدراهم في الحنطة لما كانا دينًا بدين أو ثمنًا بثمن شرط القبض في المجلس كي لا يكون كيلًا يكون كاليًا بكالي، لأن الأثمان لا تتعين بحال بيعًا.
وعلتهم لا توجب العدم لعدمها فإن القبض شرط في المجلس في باب السلم، وإن لم يشتمل على أموال الربا.
وكذلك إذا قلنا: إن الرجل إذا ملك أخاه عتق عليه لأن بينهما قرابة محرمة للنكاح فأشبه الأب والابن كان أولى من قولهم: لا يعتق لأنه يحل له وضع الزكاة فيه فأشبه ابن العم، لأن علتنا تنعدم لانعدامها في ابن العم وعلتهم لا توجب العدم فإن الكافر يحرم وضع الزكاة فيه، ولا يعتق على المسلم إذا ملكه.
وأما الترجيحات الفاسدة فما عدا هذه الأقسام.
منها ترجيح القياس بالقياس لما ذكرنا فيما مضى، وقد أجمع المسلمون في ابني عم أحدهما زوج ورثا امرأة أن الزوجية لا توجب ترجيحًا للعمومية لأنها علة بانفرادها، ولو كانا أخوين لأب أحدهما أخ لأم يرجح بالأم الأخوة لأب لأن هذه الوصلة رجعت إلى الأولى فصارت وصفًا له، فصار كعلة ثبتت بأصلين، وخير ثبت برواة كثيرة، وقال عامة الصحابة رضوان الله عليهم في ابني عم أحدهما أخ لأم: أن ابن العم الذي ليس بأخ يرث.
وقال بعضهم: لا يرث لأن الكل قرابة، إلا أنا نقول: الأخوة غير العمومة فلا يصيران علة واحدة بل كان كل واحدة علة منفردة فأشبه ابني عم أحدهما: زوج.
ومن الترجيح الفاسد: غلبة الأشباه، كقولهم: إن الأشباه بين الأخ وابن العم أكثر من حيث جريان القصاص في الطرفين وحرمان الإرث بالأولى وحلّ وضع الزكاة وقبول الشهادة لصاحبه، ولا شبه بينه وبين الأب إلا المحرمية بالرحم، وذلك لأن هذه الأشباه أوصاف أو أحكام تجعل عللًا، وكثرة العلل لا توجب ترجيحًا ككثرة الأخبار، وكثرة الآيات فلا فرق بين أوصاف تستنبط من أصل، أو من أصول ولو كانت من أصول شتى لم توجب ترجيحًا فكذا هذا بل أولى لما ذكرنا أن زيادة الأصول ترجيح للوصف الواحد.
ومن الترجيح الفاسد قول بعضهم: إن علتي أعم لأن العلل خلف النصوص، والنقض لا يترجح بعمومه فكذا العلة بل الخاص من النص أولى عند الخصم فيجعل العلة الخاصة أولى.
ومن الترجيح الفاسد: أن تكون إحدى العلتين بوصف، والأخرى بوصفين فيقال: إن التعليل بوصف أولى لأنها خلف النص، والنصان إذا تقابلا لم يترجح أحدهما بكونه أوجز عبارة.
فهذه وجوه أربعة متداولة بين أهل النظر.