والقربة لله تعالى لا تحصل إلا واجب الإمضاء قربة، ولذلك لا يحل الرجوع فيها بعد الأداء.
وكذلك من ولي عليه في ماله ولي عليه في نفسه، ومن يول عليه في ماله لم يول عليه في نفسه لن كل واحد من الولايتين نظير الأخرى ثبوتًا على ما بينا في كتاب النكاح.
ولا كذلك جلد البكر مئة فإنه ليس بنظير للرجم لتعلق الرجم بشروط لا يتعلق بها الجلد فلم يكونا نظيرين وكيف؟ وهما لا يجبان إلا في حالين متضادين.
وكذلك القراءة ليست بنظير الركوع في الأصل المعلل لأن الركوع ركن أصلي والقراءة ركن زائد، ولم تكن ثابتة أصلية، وبعد الزيادة لم تشرع كالركوع فإنها تسقط بالاقتداء وبخوف فوت الركعة وسقط شطرها، وهو السورة في الأخرين، وكذلك الركعتان ليستا مثل الأولين في حق القراءة بالإجماع.
وأما القلب الآخر: بأن تقلب الشهادة على خصمك لك من قلب الجراب، فإنها كانت لخصمك عليك ظاهرًا فانقلبت وصارت لك على خصمك، وكان ظهرها إليك فصار الآن وجهها إليك، وأنه يبطل بحكم معارضة فيها مناقضة لأنه لما شهد لك وعليك بحكم واحد فقد عارض بهذا ذاك، بل نقض كل واحد منهما صاحبه فبطلا أصلًا بخلاف المعارضة بقياس آخر، فإنها تخلو عن المناقضة فلا يبطلان ولكن يمنع الحكم بها للاشتباه.
ومثال ذلك قولهم: إن صوم رمضان فرض فيشترط لصحته نية التعيين قياسًا على صوم القضاء.
فنقول: لما كان صوم فرض لم يشترط له نية التعيين بعد التعين إلا أنه إنما يتعين بعد الشروع، وهذا متعين قبل الشروع.
وقالوا أيضًا: إن مسح الرأس ركن في الوضوء فيسن تثليثه قياسًا على الغسل فنقول: لما كان ركنًا في الوضوء لم يسن تثليثه بعد إكمال الفرض بزيادة يجوز بدونها في محل الفرض قياسًا على الغسل، فإنه متى أكمل فرضه بما ليس بفرض في محل الفرض لم يثلث فإن أكمل الغسل بمحل الفرض بالتثليث وبعده لا تثليث، والمسح قد أكمل بالسنة في محل الفرض بالاستيعاب مرة، وأنت تثلثه بعد ذلك.
فإن قيل: إنكم زدتم على وصف الحكم فلم تستقم المعارضة.
قلنا: إنا بالزيادة فسرنا الحكم الذي فيه النزاع، فإن النزاع في التثليث بعد الاستيعاب دون تثليث قدر المفروض من المسح، وفي رمضان كان الخلاف في فرض عين شرعًا ما معه في وقته غيره لا فرض مطلقًا، وإذا كانت تفسيرًا لم يوجب تغييرًا بل أوجب تقريرًا.