وإذا كان كذلك فتبين بإجماع الخلف على قول واحد من الجملة أن ما سواه خطأ يقيناً، كما لو عرض على الرسول صلى الله عليه وسلم فصوب ذلك الواحد ولا يصير من خالفه ضالاً لأنه خالف حين لا إجماع، فكان كخلاف وجد من الصحابة فعرض على الرسول صلى الله عليه وسلم فبين خطا بعضهم فإنه لا يصير ضالاً بما قاله قبل بلوغه نص رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكما كان أهل قباء يصلون إلى بيت المقدس بعد نزول التوجه إلى الكعبة فأتاهم آتٍ وهم في الصلاة فأخبرهم بذلك فاستداروا كهيئتهم إلى الكعبة في صلاتهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليهم.
وهذا لأن الإجماع هو الحجة التي يضل الإنسان بمخالفتها ولم يكن حين ما قاله هذا القائل يخالفه إجماع.
أليس أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يجوز بيع الدرهم بالدرهمين؟ وكان يبيح المتعة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع لما بلغه النص؟ ولسنا نسميه ضالاً فيما كان يقوله أولاً قبل بلوغه النص فهذا مثله.
وإنما أسقط محمد بن الحسن رحمه الله الحد عن الذي جامع امرأته في العدة وقد قال لها: أنت خلية، ونوى بها ثلاث؛ لأن الحد لا يجب مع الشبهة، وقد اختلف الناس في هذا الإجماع أهو حجة أم لا؟ فلا يصير موجباً علماً بلا شبهة ولهذا كان هذا الإجماع حجة على أدنى المراتب.