جائز على عموم النص فتبين به أنه لم يكن داخلًا تحت الجملة، ولم يرد به من الابتداء إلا ما بقي بعد الخصوص لا أن نقض بعد الثبوت.
وأما الإجماع: فإن القائسين أجمعوا أن من الأحكام ما ثبت بالنص بخلاف القياس، فخصت بالنص عن موجب القياس لولا النص لكان الحكم بالقياس بخلاف ذلك، والشافعي يسميها مخصوصة عن القياس ونحن نسميها معدولًا بها عن القياس.
وأما الفقه: فلما ذكرنا أن المعلل ما ذكر شيئًا غير أنه سماه علة، ويمكنه الثبات عليه من غير رجوع مع انعدام الحكم بأن نضيف العدم إلى مانع على ما ذكرنا دون فساد اللغة.
فإن قيل: لو جاز تخصيص العلل لما اشتغل أهل النظر بالجواب كما في العمومات، ولا اكتفي منهم بقولهم: كانت علتي توجب ذلك إلا أني خصصته بدليل ولا يكتفى به بالإجماع.
قلنا: إنما لم يكتف منهم بهذا القدر لأن دعواهم أن هذا الوصف علة قول بالرأي، ويحتمل الغلط فإذا وجدنا الوصف ولا حكم معه واحتمل العدم لفساد العلة، واحتمل لمانع من الصحة لم تثبت جهة الانعدام بمانع بنفس الدعوى حتى يقيم الدلالة عليه بإزاء المانع في تلك الحادثة دون هذه، وكذلك إن أحال على عدم المؤثر.
فأما النص: فلا يحتمل الغلط فلا يبقى لانعدام الحكم مع وجوده النص إلا الخصوص الذي يليق بكلام الشرع فلم يحتج إلى إثبات هذا الوجه بدليل ما فرق بيننا وبينه في الخروج عن المناقضة، إلا أنا خرجنا لمعنى فقهي وهم خرجوا عنه بلفظ سمعي، إلا أن الدفع باللفظ أيسر فإنه محسوس وبالمعنى عسير لأنه باطن معقول فمالت النفوس بهواها إلى الظاهر اليسير فغلبت.
ولعمري لو أنصفوا وعذروا أنفسهم على ترك المعنى الفقهي بسبب الحرج الذي يلحقهم لشكروا من تحقق المشقة، وجاهد هواه حتى وصل إليه ولما صار الظاهر فقهًا، والصورة معقولة بل لأقروا بالخطأ على أنفسهم.
لأن عين الكلمة إنما تكون حجة من صاحب الشرع فأما من غيره فلا، وإنما إلينا استخراج الفقه من كلمات الشرع، وذلك معنى يعقل بلا كلام يسمع إلا أنا لا يمكننا تحقيق المعنى عند السامع إلا بكلام فاضطررنا إليه فصح منا ما يشير إلى معنى ما يعقل دون غيره.
فإن قيل: إن الإحالة إلى المؤثر إحالة إلى ما لا يعقل حده فلم يصح الاحتجاج به، كما قلتم أنتم في الإحالة التي شرطنا نحن.
قلنا: لا كذلك بل الأثر من حيث اللغة محسوس كآثار المشي على الأرض، وأثر الجرح بالأعضاء، وأثر الدواء المسهل من الإسهال ومن حيث الشرع معقول أيضًا على ما