نقف على النظائر بالرأي ولا يلزمنا وجوب التأمل بالرأي في معاني النصوص لأن معانيها لغة من أمور الدنيا، ومما يوقف عليها بحاسة السماع من أهلها ولم تكن من الشريعة في شيء، فإنها كانت قبل الشرع وباقية في الكفار بعد الشرع وإنما أنكرنا استنباط المعنى الذي تعلق به حكم الشرع فإنه من أمور الآخرة فثبوت الحكم على ما يثبت من حظر أو إباحة حق الله تعالى.
وما هو من معاني اللسان في شيء فنحمل الآيات الموجبة للتفكير والاعتبار على هذا القبيل.
والنصوص التي نهت عن العمل بالرأي وألزمت اتباع الوحي على أحكام الشرع.
وعلى هذا تحمل مشورة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فإن الله تعالى أمره بها في تدبير الحرب وشاورهم فيها والوقوف على جهة الغلبة من مصالح الدنيا ما هو بحكم شرعي، وإنما حكم الشرع في كونهم محقين.
وما شاورهم النبي صلى الله عليه وسلم عليه في تعرف كونهم محقين بل الوحي إنما خص باب الحرب بالمشورة دون أحكام الشرع، وكذلك الخصوص ظهر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه روى الشورى في باب الحرب ولم يرو في شيء من الأحكام، علم بانسداد باب الشورى في معرفة الأحكام.
واحتجوا أيضًا بالأخبار منها: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيمًا حتى كثر فيهم أولاد السبايا، فقاسوا ما لم يكن بما قد كان فضلوا".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تعمل هذه الأمة برهة من الدهر بكتاب الله تعالى، وبرهة بالسنة، وبرهة بالرأي فإذا فعلوا ذلك فضلوا وأضلوا".
وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: "إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا".
وعن ابن مسعود: "إياكم وأرأيت وأرأيت، فإنما هلك من كان قبلكم في أرأيت وأرأيت، ولا تقيسوا شيئًا بشيء فتزلوا قدم بعد ثبوتها".
وقال عليه السلام: "من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" والمقايسة تفسير