نسخ السنة بالسنة وبالكتاب، وإنما يجوز نسخ الكتاب بالسنة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم سواء كانت مسموعة أو مروية من طريق التواتر والآحاد لأن بقاء الثابت في زمنه كان على احتمال الزوال كل ساعة، لأنه زمان نسخ فلما احتمل الثابت البقاء والزوال صلح العمل بخبر الواحد كما في موت المفقود.
فأما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز إلا بسنة متواترة أو مشهورة بمنزلتها لأنه لا نسخ على سبيل الابتداء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرائعه بعده باقية أبدًا بالنص والإجماع، وإنما يزول هذا اليقين بثبوت ناسخ بزمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يثبت إلا بالإسناد إلى زمن الوحي كما لم يثبت الأول إلا به، ولما لم يثبت ناسخًا إلا بالإسناد لم يثبت إلا بالإسناد مثل الأول فإنه لا معارضة إلا بعد المساواة ولا نسخ إلا بما لو جهل التاريخ كان معارضًا ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كما يلزمه تبليغ الناسخ يلزمه تبليغ مثل الأول في الظهور لأن لا يبقى أحد على المنسوخ فيدل خفاء الناسخ على بطلانه، والله أعلم.