الارتضاء في إصابة الحق عند الله تعالى لأن الخطأ في الأصل مردود ومنهي عنه، إلا أن المخطئ ربما يعذر بسبب عجزه ويؤجر على قدر طلبه للحق بطريقه لا أن يكون الخطأ بعينه مرضياً عند الله تعالى.
وقال تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس} والشاهد: اسم لمن ينطق عن علم ولمن قوله حجة.
فدل النص على أن لهم علماً بما على الناس من الأحكام، وأن أقوالهم حجة على الناس في حق الله تعالى.
والله تعالى عالم بحقائق الأمور فلا تثبت الحجة حجة في حقه على حكمه إلا ما أوجب العلم يقيناً قطعاً.
بخلاف حجج العباد لأنا لا نقف على حقوقنا إلا من طريق الظاهر فكانت حجتنا ثابتة وفاق حقوقنا.
وكذلك خبر الله تعالى عن علمهم لا يقع إلا حقيقة. ألا ترى أن الله تعالى شبه شهادتنا على الناس بشهادة الرسول علينا فقال الله تعالى: {ويكون الرسول عليكم شهيداً} وشهادة الرسول موجبة للعلم قطعاً فكذلك شهادتنا.
ولأن شهادة جماعتنا لو لم تكن موجبة علماً كالوحي لصارت معارضة بشهادة غيرنا بآرائهم فلا تبقى حجة.
فإن قيل إن الآية وردت في أمور الآخرة!.
قلنا: لا تفصيل في الآية، ولأن شهادة أداء في مجلس القضاء بما علمنا في الدنيا.
فلو لم تكن شهادتنا حجة موجبة للعلم قطعاً لما طلب أداؤها في مجلس الحكم للقضاء بها، والقاضي علام الغيوب لا يقضي إلا بالثابت حقاً على الحقيقة.
ومتى احتمل علمنا للحال الخطأ لم تكن شهادتنا موجبة علماً لا يحتمل الخطأ.
ولن الله تعالى حيث نص على الآخرة خص الرسول عليه السلام بالشهادة فقال: {وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا} وقال: {ويوم نبعث في كل أمة شهيداً عليهم من أنفسهم} ولم يقل شهيداً من أمتك فلت هاتان الآيتان على أن المراد بشهادة الأمة الشهادة في الدنيا.
فإن قيل: إن المراد بها في نقل القرآن والأخبار.
قلنا: لا تفصيل في الآية، ولأنه لا ذكر للمشهود به فتعين المشهود به لتعليق الحكم به زيادة على كتاب الله تعالى وذلك يجري مجرى النسخ على ما يأتيك بيانه فلا يكون تأويلاً.