من حيث المعنى ابتداء بل يبتنى على ما مضى من حكم العموم، فإن حكمه عندنا عموم على سبيل القطع بلا احتمال خصوص كالألف اسم لكل ذلك العدد على سبيل القطع بلا احتمال خصوص لغيره فيكون التخصيص رفعًا للحكم عن بعضه بعد ثبوته كما في الألف مع الاستثناء فيكون بيان تغير.
والمذهب عنده أن العام ظاهره التعميم مع احتمال الخصوص.
وإذا كان ثبوته على هذا الاحتمال كان التخصيص بيانًا لما كان يحتمله ولم يكن رفعًا، وكان من قبيل بيان المحتمل وقبيل العام الذي ثبت خصوصه.
فإن القول بعمومه واجب بعد الخصوص على اعتقاد احتمال الخصوص وجواز الخطأ فيما قال به من العموم، وكآية إحلال البيع فإنها عامة يقال بعمومها وأبواب الربا بيان أنها لم تدخل تحته وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين الأبواب واحداً بعد واحد.
وكما يجب العمل بالقياس على احتمال أنه خطأ وأنه يجوز أن يتبين بالخبر فساد قوله، فثبت أن البيان مما يجوز وروده مقارنًا ومتراخيًا بلا خلاف.
وإنما الاختلاف فيما ليس ببيان محض إذا كان مقارنًا، ولكنه تبديل فيكون الاختلاف بعد هذا في تمييز البيان عن التبديل لا في جواز تأخير البيان.
واحتج الخصم بنصوص منها قوله تعالى: {فإذا قرأنه فاتبع قرءانه* ثم إن علينا بيانه} ضمن البيان بعد إلزام اتباع الظاهر لأن كلمة ثم للتراخي.
وقال: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} وكان المراد بها الأصنام دون عيسى والملائكة عليهم الصلاة والسلام، وإنما يتبين ذلك ببيان متراخ بقوله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} فإنها نزلت بعدما عارض الكفرة منهم ابن الزبعرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيسى والملائكة صلوات الله عليهم.
وقال الله تعالي: {إنا مهلكوا أهل هذه القرية} والمراد بها غير لوط وأهله. وتأخير البيان إلى أن سأل إبراهيم عليهم السلام أن فيها لوطًا {قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله}.
وكذلك قال الله تعالى لنوح: {قلنا أحمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك} والمراد غير ابنه، وتأخر البيان إلى أن سأل نوح {إن أبنى من أهلى} فقال الله تعالى: {إنه ليس من أهلك}.
وقال في خمس الغنائم: {ولذى القربي} والمراد بالقربى بنو هاشم وبنو المطلب دون غيرهم وتأخر البيان إلى أن سال عثمان وجبير بن مطعم، وأمر الله