وإذا قال: لفلان علي ألف درهم، وفي البلد نقدي مختلف كان البيان إليه متصلًا ومنفصلًا لأن الاسم يحتمل ضروب دراهم.
وإذا قال لامرأته: أنت بائن فالبيان إليه متصلًا ومنفصلًا لأنه يحتمل ضروب بينونات.
وإذا قال: أنت طالق، وقال: عنيت الطلاق للنكاح كان صحيحًا لأنه تقرير فعلمت أن هذين النوعين يصحان بوصل وفصل.
وأما بيان التغيير والتبديل: فيصح موصولًا، ولا يصح مفصولًا لأنه يتمحض نسخًا للكل أو للبعض مفصولًا والنسخ رفع وليس ببيان على ما نذكر، ولأن حكم الكتاب كان ثابت قبل النسخ فلو كان بيانًا لتأكد ثبوته وما انقطع، وإنما قلنا: أنه يتمحض نسخًا مع الفصل لأن الألف اسم علم لعدد معلومات على سبيل القطع لا احتمال فيه لما دونه، فلا يصير تسعمائة إلا برفع مثة منها وكان نسخًا لبعضها فكان تغييرًا، وإذا قلت: أنه حر، كان إعتاقًا لا يحتمل غيره بوجه، فيكون تعليقه بشرط رفعًا بعد ثبوته لا محالة كالقنديل يوضع ثم يعلق، وكإرسال التوكيل للحال ثم العزل إلى ما بعد شهر فيكون التعليق تبديلًا من الأصل.
ولا يكون بيانًا بوجه إلا أن يكون موصولًا بالكلام الأول لأن الكلام كما لا يتم مفهمًا للغرض منه إلا بنظم الحروف وتأليفه فكذلك الكلمة بنفسها لا تفهم المراد إلا بنظم كلمات أخر إليها، وإذا كان كذلك لم يجز الحكم بأول الكلمة حتى ينقطع النظم بالسكوت أو الانتقال إلى ضرب آخر من الكلام والاستثناء ليس بانتقال، لأنه دون المستثنى منه لا يكون كلامًا مفهمًا، وإذا لم يكن انتقالًا اعتبر جملة واحدة، وإذا اعتبر جملة والاستثناء لو طرأ كان رفعًا للبعض فإذا قارن منع الثبوت بقدره، وكان تكلمًا بما بقي بعده على ما قررنا في مسائل الاستثناء.
وكذلك التعليق بالشرط لو طرأ بعد الثبوت وصح اقتضى انعدام ذلك المرسل قبل الشرط لأن الشيء الواحد لا يوجد ابتداؤه في زمانين، وكما في المحسوس إذا أرسل القنديل استقر بالأرض، وإذا علق انعدم في مقره وإذا قارن التعليق الإرسال منع الوجود بالمقر أيضًا فكانا متصلين بيانًا يمنع اللفظ أن يعمل عمله على حسابه لولا المانع.
فمن حيث ما فيه من المنع لم يكن بيانًا.
ومن حيث لا رفع بعد الثبوت لم يكن نسخًا.
ومن حيث غير الكلام من جهة إلى جهة أخرى بالنظم كان بيانًا لما صار إليه فسميناه بيان تغيير وتبديل لاجتماع المعنيين فيه، وهذا مما لا خلاف فيه.
فإن من قال: لفلان علي ألف درهم إلا مئة، كان بيانًا ولا يلزمه المئة.