وللبدء تبركاً بها فكتبت بقلم الوحي لأنها آية من الكتاب، وكتبت بخط على حدة غير موصولة بالسورة لأنها ليست من تلك السورة، وكيف تثبت التسمية آية من كل سورة مع اختلاف الناس والأخبار، وأدون أحوال الاختلاف المعتبر إيراد شبهة، والقرآن لا يثبت مع الشبهة.
فإن قيل: إنكم أخذتم بقراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في كفارة اليمين: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" فشرطتم التتابع لجواز الكفارة.
قلنا: أخذنا بها عملاً بها كما لو روي خبر عن الرسول عليه السلام لأنه ما قرأها إلا نقلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما لم يثبت قرآناً لفوات شرطه بقي خبراً.
فإن قيل: فهلا أخذتم بأخبار التسمية الدالة على أنها من الفاتحة عملاً بها من حيث الجهر بها في الصلاة، وحرمة القراءة على الحائض والجنب التي هي من حكم القرآن.
قلنا: لأنا متى صرفناها إلى أن التسمية في حكم الفاتحة لم تكن حكماً لها بظاهر ما توجبه التسمية لغة بل كان عملاً بمقتضى أنها من القرآن، ولا عموم للمقتضى عندنا، وإنما يوجب العمل به بأدنى ما لا بد منه.
والحرمة على الحائض لا بد منها، ولم يرو عن أصحابنا شيء في إباحة القراءة لها.
فأما الجهر بها في الصلاة فمما لا يجب لا محالة بحكم أنها من الفاتحة على ما بينا أنه لا يجهر بها في الأخريين.
ولأن متى لم تثبت التسمية آية من القرآن على قول بعضهم بقيت خبراً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولو كانت خبراً لم يكن من حكمه الجهر بقراءته ولا حرمته على الجنب لغة.
فإما الكلام في أن القرآن حجة:
فإنه كلام الله تعالى، وقد ثبت ان الله تعالى لا يتكلم بالباطل، وبالله التوفيق.