وكذلك عمر رضي الله عنه نفى رحلًا فلحق بالروم فحلف أن لا ينفي أحدًا بعده.
وقال علي رضي الله عنه: "كفى بالنفي فتنة" فدلت فتواهم بخلاف الخبر في النفي على أن خبر النفي غير ثابت على ظاهره.
وعن ابن سيرين في متعة النساء أنه قال: "هم شهدوها وهم نهوا عنها، فما في رأيهم ما يرغب عنه، ولا في نصيحتهم ما يتهم".
وكذلك عمر رضي الله عنه لما فتح سواد العراق وامتنع عن القسمة علم أن القسمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن حتمًا.
فإن قيل: عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- كان يرى التطبيق في الركوع سنة، وخبر الأخذ بالركب مشهور، ولم يدل على ضعفه.
قلنا: لأنه كان يحمل الأخذ بالركب على الرخصة لما فيه من الترفيه. وقد ذكرنا أن تأويل الراوي لا يكون حجة، فكذا تأويل السامع. وأما إذا لم يكن الخبر مشهورًا، فخلاف غير الراوي لا يضعفه لاحتمال أنه خالفه، لأنه لم يبلغه، وكذلك إذا امتنع عن العمل به، لأنه حرام مثل العمل بخلافه. والله أعلم.