تأويل لم يكن تكذيبًا لأن باب التأويل في الإخبار غير مسدود, ولكن الخبر لا يترك على ذلك, لأن الحجة هو الخبر لا تأويله لأن تأويله كان برأيه ورأيه ورأي غيره بمنزلة, وظاهر النص فوق رأيه بلا شك.

وأما إذا كان الخبر لا يحتمل ما عمل به فالخبر مردود لأن عمله بخلافه لا يخلو: إما أن يكون عن غفلة أو إنكار أو نسيان, أو علم بانتساخ الخبر أو تقول الراوي عنه كذبًا عليه, ولم يكن عنده ذلك الحديث فلا شك بأنه مردود.

وكذلك إذا ثبت انتساخه فهو مردود في حق العمل به وإن ارتكب خلافه فسق, ورواية الفاسق لا تقبل.

وكذلك إن غفل أو نسي فرواية المغفل أو الناسي ساقطة دل عليه ما ذكرنا في القسم الأول من بطلان الرواية بإنكار الأصل والعمل بخلافه إنكارًا ظاهرًا فيصير الخبر به مردودًا ظاهرًا ما لم يثبت رجوعه إلى تصديق الراوي عنه, والعمل به على قول من يجوز مثله وإن لم يتذكر الحديث.

والوجه في مثل هذا الخبر أن يحمل على الانتساخ فرارًا عن تكذيب الراوي ليكون الإسناد ثابتًا والعمل به ساقطًا على ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما: متعة النساء ومتعة الحج. فدل العمل بخلاف ما روى أنه علم بانتساخه.

وروت عائشة- رضي الله عنها وعن أبيها-: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل" ثم زوجت بنت أخيها عبد الرحمن بغير إذنه فدل على أنها عرفت بطلاته.

وروى ابن عمر رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم - رفع يديه في الصلاة عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع, ثم روي عن مجاهد أنه صحب ابن عمر سنين فلم يره يرفع يديه إلا عند افتتاح الصلاة فدل أنه علم بانتساخه.

وعن عيسى بن أبان أن غير الراوي أذا عمل بخلافه من أئمة الدين والحديث ظاهر كان دليلًا على انتساخ الحديث وبطلانه, لأنه يجوز إساءة الظن كان مقتدى به في دين الله وإمامًا يشار إليه بالأصابع.

وهذا كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائه ورجم بالحجارة" فدل عمل الأئمة بخلاف ذلك في الثيب بالثيب, على أنه منسوخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015