العاملين، إذا أتوا بالسيرة على الاستقامة غير ممالة عن سنن الإنصاف والحق.
وضد العدل: الجور، وهو الميل، ويقال: طريق جائر إذا كان من البنيات.
وضد العدالة الفسق، وهو: الخروج عن الحد الذي جعل له.
والعدالة أيضاً قسمان:
أ- عدالة ظاهرة يحكم بها للمرء بعقله ودينه فإنهما حجتا الله تعالى عليه فإذا وجدهما المرء دل ظاهر حاله على العمل بهما جميعاً فكان عدلاً ظاهراً.
ب- وعدالة باطنة يوقف عليها بالنظر في باطن معاملاته، فإذا وجدناه لا يرتكب ما اعتقده حراماً بدينه وعقله كان عدلاً، لاستقامته على سواء الحجة، وترجح جهة صدقه من خبره لأن الكذب محظور دينه وعقله وقد ظهر منه الانزجار عن المحظور.
وبهذه العدالة يصير الخبر حجة لأن الظاهر الأول يعارضه مثله، وهو هوى النفس فإنه الأصل قبل العقل، وحين رزق العقل والنهى ما زايله الهوى، فيصير الرجل عدلاً من وجه دون وجه كالصبي والمعتوه من باب العقلاء فلا يدخل تحت الاسم المطلق حتى يظهر بالتجربة رجحان دليل العقل على الهوى، وذلك بالتأمل في باطن أمره.
ثم محمد بن الحسن- رحمه الله- ذكر في باب الشهادات: أن الرجل إذا ارتكب فاحشة كبيرة ذهبت عدالته بنفس الارتكاب، وإذا لم يكن أمراً فاحشاً لم تذهب عدالته إلا بالإدمان عليه.
وهذا لأن الأصل أن الارتكاب قل أم فحش مما يزيل العدالة لأنه خروج عن حده وميل إلى ما ليس له إلا أنه يتعذر عليه الانزجار عن الصغائر أجمع، فلو شرط الانزجار عن الصغائر مطلقاً لإثبات العدالة ما أمكن إثباتها إلا نادراً لأن لله تعالى في كل لحظة أمراً ونهياً فلم يشترط تيسيراً، إلا أن يدوم لأن الرجوع غير متعذر، والدوام لا يقع إلا عن قصد لا عذر فيه فيصير في حكم الفاحش الذي هو في نفسه لا يكثر وقوعه ولا يتعذر الانزجار عنه.
ولهذا لا يسلب اسم العدالة من صاحب الهوى في الدين وإن كان ضالاً عندنا، وفسق اعتقاداً لأنه صار إليه لغلوه في طلب الحق وشدة عمله بالحجة، إلا أنه التبس عليه فغلط لا أنه خالف عقيدته، والغلو في الدين يدل على شدة اتباع الحجة، فيدل على تأكد جهة الصدق الذي قامت عليه حجته.
وكذلك يجعل الكافر عدلاً لأنه ما خالف عقيدته ولكن لا تقبل على المسلم خبره