فلهن ثلثا ما ترك} والنساء فوق الثنتين لا يتناولن الثنتين بلا إشكال، ولكن من جهة دليل آخر تبين لنا ان فوق مؤخر والمراد به نساء اثنتين فما فوقهما فلما ثبت ذلك في باب المواريث ثبت في الوصايا استدلالاً بها، ولهذا كان أقل الاسم على ثلاثة أحرف في أصل الوضع، لأن الكلام حروف مجموعة فكان أقلها ثلاثة أحرف.
ومن ذلك موجب الواو فقد قيل: إنها للترتيب والإشراك، والجمع.
والصحيح ان الواو تقتضي مشاركة المعطوف والمعطوف عليه في خبره كأن الخبر كرر في حقه شركة مطلقة من غير وصف المقارنة أو الترتيب أو غيرهما ذلك لأنا وجدنا كلمة "مع" توجب المقارنة.
و"الفاء" توجب الترتيب بلا فصل.
و"ثم" توجب الترتيب بفصل.
فلو حملت الواو على أحد هذه المعاني لصار الاسم لذلك المعنى مكرراً.
ولو حملت على شركة بصفة متعينة محتملة للقرآن والفصل والترتيب صار لها فائدة جديدة، ألا ترى انك إذا قلت: جاء زيد وعمرو وكنت أخبرت عن مجيئهما جميعاً مطلقاً، وكنت صادقاً في الخبر، جاءا معاً أو متفرقين او متعاقبين.
وقد يراد بها معنى بعينه بدلالة توجب زيادة الوصف كالاسم المطلق قد يختص بقيد بدلالة، ولهذا قال علماؤنا: إن الواجب من غسل الوضوء غسل الأعضاء مطلقاً بلا تعيين وصف، من ترتيب أو مقارنة أو تفريق. وإذا قال لعبيده- وهم ثلاثة-: هذا حر أو هذا وهذا عتق الثالث وله الخيار في الأولين.
وقال الفراء: له الخيار بين أن يعتق الأول او الآخرين لأن الواو للجمع فيصير قوله أو هذا وهذا، كقوله: أو هذان كما إذا قال: هذه الألف لفلان وفلان، كان بينهما كما لو قال لهما.
إلا انا نقول: الواو لا توجب صفة الجمع والمقارنة على ما قلنا، فلا يصير الثالث داخلاً تحت العتق مع الثاني بكلمة الواو وقد فرق بينهما لفظاً فبقي داخلاً وحده كما تكلم وبقي الخيار بين الأول والثاني ويصير الثالث معطوفاً على الذي عتق لما بقي وحده إذ لا يصح العطف على الذي لم يعتق لن المراد بالجملة الأولى الذي عتق فإن قوله هذا حر أو هذا كقوله: أحدهما حر، ولو قال: أحدهما حر وهذا، عتق الثالث عيناً لأنه لا جهالة فيه وقد عطف على حر مجهول ألا ترى أن المعطوف يدخل تحت خبر المعطوف عليه كأنه كرر في حقه ومتى جعلا مجموعين لم يستقم فإنه لا يستقيم أن تقول هذا حر وهذان حر بل يجب أن يقال هذان حران.