فإن قيل: أليس من قال لآخر أعتق عبدك عني على ألف درهم يصير متملكاً بألف ثم معتقاً فصار مجازاً عن الشراء وليس بينهما اتصال معنى ولا سببية، وكذلك شراء القريب إعتاق وما بينهما اتصال معنى؟

قلنا: إن الشراء بقوله: أعتق عبدك عني ليس يثبت على طريق أن العتاق يصير مجازاً عنه ألا ترى أن العتق يثبت بنفسه، وقد ذكرنا أن اللفظ متى صار مجازاً عن غيره سقطت حقيقته وإنما يثبت الشراء مقتضى هذا العتق فإن العتاق لا يقع إلا أن يكون العين مملوكاً له فاقتضى العتق عنه شرطه، وهو ملك المحل على ما بينا في موضعه، فالمقتضى حده ما يثبت ضرورة ثبوت النص بنفسه على حقيقته لا باللفظ وإنه صار عبارة عنه على ما بينا في حد المقتضى من بعد وأنه ليس من باب المجاز في شيء وأنه من ضروب الكناية.

وكذلك شراء القريب إعتاق لا على سبيل أن الشراء يصير مجازاً عنه ولكن على سبيل أن الشراء ثابت بنفسه موجب للملك على حقيقته ثم العتق موجب الملك على ما بينا في موضعه فصار الشراء بمنزلة العلة في إضافة الحكم الثاني، وهو العتق إليه لأنه علة العلة، ولم يكن علة بنفسه من حيث يصير مجازاً عن العتق، ألا ترى أنه كيف ثبت بنفسه لم يثبت العتق بناء عليه وعلى هذا إذا قال لامرأته: اعتدي، ونوى به طلاقاً طلقت على طريق أنه يقتضيه إذا أراده لأن الطلاق شرط العدة ألا ترى أن حقيقته وهي العدة ثبتت بنفسها، وبالله التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015