مجازاً، إلا أن ملك السكنى ثابت بحق الملك والاستعارة.

وقد قالوا فيمن أوصى لمواليه بثلث ماله وهو حر الأصل: لم يعتق، وله مولى واحد أعتقه وموالي مولى، كان نصف الثلث لمولاه والنصف للورثة دون موالي مولاه لأن الحقيقة وهو المولى دخل تحت الوصية فلا يدخل تحته موالي المولى لأنه مجاز، إذ الأسفل في الحقيقة مضاف إلى الذي أعتقه دون الذي أعتق من أعتقه فما وجد من الأعلى إعتاق إياه حقيقة، إنما وجد منه التسبيب بأن أعتق الأول حتى قدر الأول على إعتاق الثاني فكانت الإضافة إليه بالتسبيب فكان مجازاً، فلم يثبت مع الحقيقة.

كما لو أوصى رجل بثلث ماله لمواليه وله موالي أعتقوه، وموالي أعتقهم لم تصح الوصية لأن الموالي لفظ مشترك يتناول الأعلى والأسفل على السواء بحق الولاء، لكن بمعنيين مختلفين، لأن ولاء الأعلى ولاء منعم وولاء الأسفل ولاء منعم عليه فلما لم يجتمعا ولم يكن أحدهما بأولى من الآخر تدافعا فثبت أنهم أبوا الجمع بين الحقيقة والمجاز، كما أبوا الجمع بين المعاني المختلفة، إلا أن المشترك يصير كالمجمل بحكم المعارضة والمساواة، والذي يحتمل الحقيقة والمجاز تثبت منه حقيقة إلا بدلالة على المجاز لأن الحقيقة أولى على ما مر، وبمثله لو كان للموصي موالي مولى، وما له موالي كان الثلث لموالي المولى دون الورثة قولاً بالمجاز.

وأما الصربح: فهو اسم لكلام مكشوف المعنى كالنص سواء كان حقيقة أو مجازاً، يقال: فلان صرح فلاناً بكذا أي: خاطبه بأبلغ إظهار لما أراده من مكروه أو محبوب، والعرب تقول: صرح الحق عن محضه إذا انكشفت الرغوة عن محض اللبن.

وأما الكناية: فخلاف الصريح حتى أن الكلمة ما لم تتم مفهمة بنفسها لم تكن صريحة، والحرف الواحد يجوز أن يكون كناية مثل هاء المغايبة وكاف المخاطبة حتى جعلت الهاء في الكناية تامة، فقيل هو كذا كقول الله تعالى: {قل هو الله أحد} وهذا لأن الهاء لا تميز بنفسها بين اسم واسم إلا بدلالة أخرى فلم تكن صريحة.

ولما احتملت التمييز بدلالة استقامت كناية عن الصريح فكانت حروف الكناية من الصريح كالاسم المشترك من المفسر.

من حيث أن حرف الكناية مما لا يفهم معناها إلا بدلالة أخرى.

والصريح اسم لما فهم معناه منه بنفسه.

وعن هذا سمي كل كلام يحتمل وجوهاً كناية.

وسمي المجاز قبل أن يصير متعارفاً كناية لاحتماله الحقيقة وغيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015