وقر في أذهان المسلمين يومئذٍ من أن السعي بين الصفا والمروة من عمل الجاهلية نظراً إلى أن الصفا كان عليه صنم يقال له (إساف) وكان على المروة صنم يقال له: (نائلة) وكان المشركون إذا سعوا بينهم تمسحوا بهما. فلما ظهر الإسلام وكسر الأصنام تحرج المسلمون أن يطوفوا بينهما لذلك، فنزلت الآية، كذلك جاءت بعض الروايات.

لكن جاء في رواية صحيح البخاري ما نصه: فقال (أي عروة) لها (أي لعائشة) أرأيت قول الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} : فوالله ما على أحد جناح ألا يطوف بالصفا والمروة: قالت: بئسما قلت يا بن أختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه، كانت (لا جُناح عليه ألا يطوف بهما) ولكنها أنزلت في الأنصار،كانوا قبل أن يسُلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان بعضهم يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة. فلما أسلموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية قالت عائشة"وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما " انتهى ما أردنا نقله ومعنى يهلون: يحجون ومناة الطاغية: اسم صنم وكان صخرة نصبها عمرو بن لحىٍ بجهة البحر فكانوا يعبدونها. والمشلل بضم الميم واللام الأولى مشددة مفتوحة: اسم موضع قريب من قديد من جهة البحر. وقديد بضم القاف: قرية بين مكة والمدينة المنورة وكلمة (سن) معناها في هذا الحديث شرع أو فرض بدليل من السنة لا من الكتاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015