باجتهاده ثم بان له خطؤه، تبين له أن الظاهر غير مراد، إنما المراد التخفيف على خصوص المسافر في صلاة النافلة أو على المجتهد في القبلة إذا صلى وتبين له خطؤه. عن ابن عمر رضى الله عنهما أن هذه الآية نزلت في صلاة المسافر على الراحلة أينما توجهت. وقيل: عميتُ القبلة على قوم فصلوا إلى أنحاء مختلفة، فلما أصبحوا تبينوا خطأهم فعذروا.وقيل في الآية غير ذلك، ولكن ما ذكرناه يكفيك.
(المثال الثاني) روى في الصحيح أن مروان بن الحكم أشكل عليه معنى قوله تعالى {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (آل عمران: 188)
وقال لئن كان امرؤ فرح بما أوتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذباً لنعذبن أجمعون. وبقى في إشكاله هذا حتى بين له ابن عباس أن الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره، وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه أي طلبوا منه أن يحمدهم على ما فعلوا. وهنالك زال الإشكال عنه، وفهم مراد الله من كلامه هذا ووعيده.
(المثال الثالث) أشكل على عروة بن الزبير رضي الله عنه أن يفهم فرضية السعي بين الصفا والمروة مع قوله سبحانه: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (البقرة: 158) .
وإشكاله نشأ من أن الآية الكريمة نفت الجناح، ونفي الجناح لا يتفق والفرضية في رأيه، وبقى في إشكاله هذا حتى سأل خالته أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فأفهمتهُ أن نفي الجناح هنا ليس نفياً للفرضيةِ، إنما هو نفي لما