في فضيلة الإنسان إذا شرف على الملائكة قد تقدم أن الناس ضربان: ضرب لم يحظ من الإنسانية إلا بالصورة التخطيطية من انتصاب القامة وعرض الظفر والقوة على الضحك ولغو من النطق يجري مجرى المكاء والتصدية وهو دون البهائم. وضرب هو الإنسان وهو المعنَّى بما خلق لأجله فمن كان كذلك فله حالتان: إحداهما حالته وهو في الدنيا ولم يقتحم العقبة ويفك الرقبة بل هو صريع جوعه وأسير شبعة، تنتنه العرقة وتؤلمه البقة وتقتله الشرقة، ولما يقض ما أمره، فهو ما دام في دنياه لا يحكم له [انه أفضل من الملائكة على الإطلاق. والحالة الثانية قد اقتحم العقبة وفك الرقبة بعدما قضى ما أمره، فصار من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، بل قد جعل في مقعد صدق عند مليك مقتدر ذا حياة بلا ممات وغنى بلا فقر وعز بلا ذل وعلم بلا جهل وقد قامت الملائكة تخدمه كما قال تعالى: (والملائكة يدخلون عليهم من