كما صارت على إبراهيم عليه السلام وتنقاد له الريح فيركبها كركوب سليمان، وتسخر له المياه فيمشي عليها كتسخيرها للخضر عليه السلام، ويكلمه النبات والمعادن والأفلاك والنجوم فتفقه على منافعها وتخبره بسرائرها كمكالمتها لإدريس عليه السلام. روي أنه إذا أحب الله عبداً ألبسه صورة من صورته، ونفخ فيه روحاً من روحه، حتى ينقاد له كل حجر ومدر، ويتواضع له كل طائر وسبع، بل قد يخصه بكرامات لا يمكن أن يطلع على معرفتها غيرُ من خُصَّ بها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه: " أعددتُ لعبادي الصلحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر " وقال تعالى إشارة لها هذا المعنى. (فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرة أعين) وهذه الأحوال كما تكون للأنبيء فقد تكون للأولياء المخصوصين بالكرامة وليس ذلك بمستبدع ولا منكر في قدرة الله تعالى ولا بمناف في حكمته كما ظن بعض المتكلمين أن ذلك إذا أظهره على ير أنبياءه لا يُؤمَنُ أن يُفتن به الناسُ وإنه يؤدي إلى اشتباه أمر لمعجزة على الكافة، فإن أحكم الحاكمين لا يؤتى هذه المكرمة إلا من هو أهلها كما نبه عليه سبحانه بقوله: (ألله أعلم حيث يجعل رسالته) ومن بلغه هذه المنزلة فقد آتاه لا شك من العلم والحكمة قدر ما يهديه ويؤدبه، وعرف ما يمسكه فيستقيم كما أمر فيه فيعرف قدره ولا يتعدى طوره.