وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله: (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر) . فتبين أن قولهم للذين كرهوا ما نزل الله أدى بهم إلى الارتداد على أدبارهم وقال تعالى: (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استنزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا) . فنبه على أن بعض ما كسبوا أدى بهم إلى الانهزام، فالمتدرب في فعل الخير المتقوي فيه يصير بحيث يكون له من الله تعالى واقية تحفظه عن الأفعال القبيحة وتحثه على الأفعال الحسنة. وهذا معنى العصمة وعلى ذلك نبه الله تعالى في صفة أولياءه بقوله: (أولئك كُتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروحٍ منه) . وقال تعالى: (رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا أن حزب الله هم المفلحون) . والمتدرب بفعل الشر المتقوي فيه قد يصير بحيث يكون له بما ارتكبه من القبائح باعث يبعثه على الأفعال القبيحة ويحثه على الأفعال السيئة ويسد عليه طرق الأفعال الحسنة، وعلى ذلك نبه الله تعالى بقوله في صفة أعدائه: (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً فهي إلى الأذقان فهم مقمحون وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سدّاً فأغشيناهم فهم لا يبصرون) . وقال تعالى: (ومن يعيشُ عن ذكر الرحمن نقيّض له شيطاناً فهو له قرين وأنهم ليصدون عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون) . وقال تعالى: (إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون) . وقد نسب الله هداية العبد وضلاله جميعاً إلأى نفسه من حيث أنه جعل خلقه وطبعه بحيث إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015