في كون الإنسان مستصلحاً للدارين الإنسان من بين الموجودات مخلوق خلقة تصلح للدارين، وذلك أن الله تعالى قد أوجد ثلاثة أنواع من الأحياء، نوعاً لدار الدنيا وهي الحيوانات، ونعاً للدار الآخرة وهو الملأ الأعلى، ونوعاً للدارين وهو الإنسان، فالإنسان واسطة بين جوهرين وضيع وهو الحيوانات، ورفيع وهو الملائكة، فجمع فيه قوى العالمين وجعله كالحيوانات في الشهوة البدنية والغذاء والتناسل والمهارشة والمنازعة وغير ذلك من أوصاف الحيوانات. وكالملائكة في العقل والعلم وعبادة الرب والصدق والوفاءِ، ونحو ذلك من الأخلاق الشريفة ووجه الحكمة في ذلك أنه تعالى لما رشحه لعبادته وخلافته وعمارة أرضه وهيأه مع ذلك لمجاورته في جنته اقتضت الحكمة أن يجمع له القوتين، فإنه لو خُلق كالبهيمة معرىّ عن العقل لما صلح لعبادة الله تعالى وخلافته، كما لم يصلح لذلك البهائم ولا لمجاورته ودخول جنته.