صديق مقطوع والهوى عدوّ متبوع ". ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم " حُفَّت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات " ولذلك يحتاج الإنسان أن يقاد في بدءِ أمره إلى مصالحه بضرب من القهر حتى قال صلى الله عليه وسلم: " يا عجباً لقوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل ". فحقُّ الإنسان أن يجاهد هواه إلى أن يقتحم العقبة فيتخلص حينئذٍ من أذاه.
وللنفس نظران: نظرٌ إلى فوق نحو العقل، ومنه تستمد المعارف، وتميز بين المحاسن والقبائح، فتعرف كيف تتحرى المحاسن وتتجنب القبائح. ونظرٌ إلى تحت نحو الهوى، وبه تنسى الحقائق وتألف الخسيسات بل القاذورات. والنفس متى كانت شريفة أَدامت النظر إلى فوق كما ذكرنا، ولا تنظر إلى ما دونها إلا عند الضرورة، ولا تتناول اللذات البدنية إلا بحسب ما يرسمه العقل المستمد من الشرع، أو إذا كانت دنيَّة أكثرت الميل إلى الشهوات البدنية، فيحدث ذلك لها إذعاناً وانقياداً لللشهوات فيستعبدها الهوى كما قال الله تعالى: (أَفرأَيْتَ مَن اتخذ إلهه هواه وأَضلَّه الله على علْم) وإنما أضله بعد أن اتخذ إلهه هواه وجعله عبداً لأغراض دنيوية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تعس عبد الدرهم ". الخبر. ومن هذه العبودية استعاذ إبراهيم الخليل عليه السلام حيث قال: (واجْنُبني وبَنيَّ أَن نعبد الأصنام) .