وقد حدثكم الله ان اهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا. أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم؟ ولا والله ما رأينا منهم أحدا قط سألكم عن الذي انزل إليكم) .
وهذه الموعظة القوية الرائعة، رواها البخاري فى ثلاثة مواضع من صحيحه (?) .
نمت الاسرائيليات واتسعت فى كتب التفسير وخاصة المطولة التي تعتمد المأثور منذ كتب الطبري والبغوي والخازن وابن كثير والقرطبي وغيرهم.
ورغم تحذير بعض هؤلاء المفسرين من هذه الاسرائيليات ونقدهم لبعضها فى كتبهم كما قدمنا عن ابن كثير، نراهم عند التطبيق قد حشدوا كثيرا من هذه الروايات الاسرائيلية، خصوصا عند توضيح جزئيات قصص القرآن، وعند ذكر الشخصيات والاحداث، وكيفياتها ووقائعها وظروفها.
ومعظم هذه الروايات معزوة الى كعب الأحبار، وعبد الله بن سلام وثعلبة ومحمد القرطبيين، وابن جريج، وابن نوف، وأبناء منبه، وغيرهم من مسلمي اهل الكتاب وخاصة مسلمي اليهود.
وابن خلدون فى مقدمته يذكر من اسباب الاستكثار من هذه المرويات اعتبارات اجتماعية، ودينية، اغرت المسلمين بهذا الأخذ والنقل، الذي اتسعت له كتب التفسير المروي فاشتملت على الغث والسمين، والمقبول والمردود، فيعد ابن خلدون من الاعتبارات الاجتماعية غلبة البداوة والامية على العرب وتشوقهم لمعرفة ما تتشوق اليه النفوس البشرية فى اسباب المكونات وبدء الخليقة واسرار الوجود، وهم انما يسألون فى ذلك اهل الكتاب قبلهم، ثم يذكر من الاعتبارات الدينية التي سوغت عنده هذا التلقي الكثير لمثل تلك المرويات فى تساهل وعدم تحر للصحة، ان مثل هذه المنقولات ليست مما يرجع الى الأحكام فيتحرى فيها الصحة التي يجب بها العمل.
فتساهل المفسرون فى مثل ذلك، وملئوا كتبهم بمنقولات عن عامة اهل التوراة الذين كانوا بين العرب وكانوا بداة مثلهم، لا يعرفون من ذلك الا ما تعرفه العامة من اهل الكتاب، ولا تعلق لها بالاحكام الشرعية التي يحتاط لها (?) .
والحق ان هذه الروايات التي امتلأت بها كتب التفسير المذكورة وغير المذكورة