وهذا الحديث الذي يستدل به مقاتل على صحة ما ذهب اليه قد أورده الطبري مع غيره من الآراء، ثم قال الطبري:
(والصواب عندي فى تاويل مفاتح السور، التي هي حروف المعجم، ان الله ابتدا بها السور للدلالة بكل حرف على معان كثيرة، لا على معنى واحد) (?) .
«فهن فواتح ما افتتح بهن من سور القرآن» .
«وهن مما اقسم الله بهن» .
«وهن من حروف حساب الجمل» .
«وهن للسور التي افتتحت بهن شعار واسماء» (?) .
وقد نقل ابن كثير ما حكاه ابن جرير الطبري من الآراء فى فواتح السور، كما نقل اختياره الجمع بين هذه الآراء، وانها مقصودة جميعها من هذه الحروف- بما فيها حساب الجمل-، ثم خالف الطبري فيما ذهب اليه، فأنكر ان يكون المراد بالحرف الواحد، معاني متعددة فى وقت واحد، «اما لفظ الامة وما أشبهها من الألفاظ المشتركة فى الاصطلاح فانما دل فى القرآن فى كل موطن على معنى واحد دل عليه سياق الكلام» (?) .
ولم يرتض ابن كثير دلالة هذه الحروف على حساب الجمل، وضعف الحديث الذي استدل به مقاتل، قال ابن كثير:
(واما من زعم انها دلالة على معرفة المدد، وانه يستخرج من ذلك اوقات الحوادث والفتن والملاحم- فقد ادعى ما ليس له، وطار فى غير مطاره. وقد ورد فى ذلك حديث ضعيف. وهو مع ذلك ادل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته، وهو ما رواه محمد بن اسحق عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عباس.