يقول الله تبارك وتعالى {وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور:15] : قال بعض العلماء: يعظم الذنب بحسب الشخص الذي أذنب في حقه، فالكلام في عرض العامة ليس كالكلام في عرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فـ عائشة فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم طيبةٌ قد اختارها الله عز وجل لطيبٍ، وطاهرةٌ مختارةٌ لطاهر صلوات الله وسلامه عليه.
فالمقصود: أنه لما عَظُم مقامها عند الله عز وجل كانت الإساءة في حقها أعظم، ولذلك قالوا: الإساءة إلى العالِم ليست كالإساءة إلى الجاهل، والقَدْح في العالِم ليس كالقدح في الجاهل؛ لأنك إذا قدحت في الجاهل لا يضر ذلك القدح إلا ذلك الجاهل؛ ولكن إذا قُدح في العلماء وانتُقصوا، فإن ذلك قَدْحٌ وثلمة في الدين؛ لأن الناس تستخف بذلك العالم، ولذلك لا تثق بقوله، ولو كان القدح صحيحاً، فإنه ينبغي أن يكون بأسلوب لا يوهن الدين، كل ذلك حفاظاً على الفتاوى والأحكام التي تستفاد من مثل هذا العالم، ولذلك قالوا: إن الكلام في العلماء ثلمة في الدين؛ لما يشتمل عليه من الضرر، ولما يلحقه من عزوف الناس عن قبول الخير من ذلك العالِم، فهذا هو معنى قوله: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور:15] فكلما عظمت منزلة الإنسان عند الله عز وجل صلاحاً وتقوى كان الكلام فيه والأذية له مختلفة عن أذية غيره، كما أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذلك في الحديث القدسي عنه تعالى أنه قال: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بحرب) وحرب من الله ليست بالهينة.
فالمقصود: أن الذنب قد يعظم على حسب الإساءة إلى الشخص، وعلى حسب قدر الإنسان المساء إليه.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يسلمنا من أعراض عباده، وأن يرزقنا عفة اللسان، وعفة الجنان، وأن يرضى عن أقوالنا وأفعالنا، إنه ولينا وهو حسبنا.
وصلى الله وسلم على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.