يقول الله تبارك وتعالى: (وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ) في هذا اللفظ قراءتان: - القراءة الأولى: (وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ) .
- القراءة الثانية:: (وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ) .
أما هاتان القراءتان فللعلماء رحمهم الله فيهما وجهان: الوجه الأول: أنهما قراءتان بمعنى واحد.
والوجه الثاني: أنهما قراءتان مختلفتان في المعنى.
أما أصحاب القول الأول الذين قالوا: إن تلك القراءتين بمعنى واحد، فقد اختلفوا على قولين أيضاً: فقال أصحاب القول الأول: إنهما بمعنى واحد، وهو الحلف، فقوله: (وَلا يَأْتَلِ) ، وقوله: (وَلا يَتَأَلَّ) كل ذلك المراد به لا يحلف وهو من الأَلِيَّة وهي: الحلف، ومِن استعمال هذا الفعل بمعنى الحلف قول الله تبارك وتعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة:226] ، -وهي آية الإيلاء- أي أن يحلف الرجل ألاَّ يطأ امرأته أكثر من أربعة أشهر إجماعاً، أو أربعة أشهرٍ.
خلافٌ بين العلماء رحمهم الله.
فالمقصود: أن الأَلِيَّة بمعنى الحلف على هذا القول.
وأما على القول الثاني: فقالوا: إن قوله تعالى: (وَلا يَأْتَلِ) ، وقوله تعالى: (وَلا يَتَأَلَّ) : كل ذلك بمعنى: لا يقصر مِن قولهم: أَلَيْتُ بمعنى: قصَّرتُ، يقول الرجل: لا آلو جُهدي: أي: لا أقصِّر ومِن استعمال هذا الفعل في القرآن بمعنى التقصير قوله تعالى: {لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} [آل عمران:118] أي: لا يقصرون في جلب ما يوجب الخبال لكم، يعني: أعداءه سبحانه وتعالى.
وهناك قول ثان: وهو أن كلتا القراءتين مختلفة المعنى فقال بعض العلماء: إن قوله تعالى: (وَلا يَأْتَلِ) : أي: لا يقصر، وقوله تعالى: (وَلا يَتَأَلَّ) : أي: لا يحلف.
وبناءً على كلا المعنيين: يكون المعنى الأول: لا يحلف أولوا الفضل منكم والسعة ألا يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله من فضل الله، فتكون الآية الكريمة تضمنت نهي الصحابة أو نهي أبي بكر على سبيل الخصوص والمؤمنين على سبيل العموم عن أن يحلفوا على الامتناع عن إعطاء المساكين وأولي القربى والمهاجرين.
وأما المعنى الثاني: فيكون المراد لا يقصِّر أولوا الفضل وأولوا السعة الذين وسع الله عليهم من الخير وأعطاهم بسطة المال فرزقهم من فضله في الإحسان إلى هؤلاء الضعفاء.
وكلا المعنيين واضح.