ومكانها مما لا يُركن إليه، فإن أمور الغيب لا يجب التصديق بها إلا إذا ثبتت بالدليل القاطع عن الرسول المعصوم - صلى الله عليه وسلم -.
وجملة قوله: {تُكَلِّمُهُمْ} صفة للدابة؛ أي: تكلم تلك الدابة الناس المعاصرين لخروجها، وتخبرهم {أَنَّ النَّاسَ} العصريين والمكلفين الموجودين الآن {كَانُوا بِآيَاتِنَا}؛ أي: بآيات ربنا، ودلائل قدرته التي منها خروجي الدال على قرب الساعة {لَا يُؤْمِنُونَ}؛ أي: لا يصدقون بها؛ أي: تكلم تلك الدابة من وُجد وقت خروجها على العموم الكفرة وغيرهم باللسان العربي الفصيح، أو تُكلِّم العرب بالعربي، والعجم بالعجمي، وتُخبرهم بأن الناس كانوا لا يؤمنون بآيات الله الناطقة بمجيء الساعة، وقربها كخروجي.
وقال الشوكاني: والمراد بالناس في الآية: هم الناس على العموم فيدخل في ذلك كل مكلف، وقيل: المراد بهم الكفار خاصة، وقيل: كفار مكة. والأول أولى. اهـ.
قال أبو حيان: والظاهر (?) أن قوله: {تُكَلِّمُهُمْ} بالتشديد، وهي قراءة الجمهور من الكلام، ويؤيده قراءة أبي {تُنَبِّئُهُمْ}، وفي بعض القراءات {تحدثهم} وهي قراءة يحيى بن سلام، وقرأ عبد الله وأبو عمران الجوني {تكلمهم بأن الناس} قال السدي: تكلمهم ببطلان سائر الأديان سوى الإِسلام، وقيل: تخاطبهم فتقول للمؤمن هذا مؤمن، وللكافر هذا كافر، وقيل: معنى تكلمهم تجرحهم من الكلم والتشديد للتكثير، ويؤيده قراءة ابن عباس ومجاهد وابن جُبير وأبي زرعة والجحدري وأبي حيوة وابن أبي عبلة: {تكلمهم} بفتح التاء وسكون الكاف مخفف اللام، وقراءة من قرأ {تجرحهم} مكان تكلمهم، وسأل أبو الحوراء ابن عباس تُكلِّم أو تَكْلِم؟ فقال: كل ذلك تفعل، تُكلِّم المؤمن وتَكْلِمُ الكافر. انتهى، وروي أنها تسم الكافر في جبهته وتربده، وتمسح على وجه المؤمن فتبيضه.