وقيل: معنى {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} (?) اجتمع علمهم واتفق على أن الآخرة لا تكون {بَلْ هُمْ}؛ أي: الكفرة {فِي شَكٍّ مِنْهَا}؛ أي: من قيام الساعة {بَلْ هُمْ مِنْهَا}؛ أي: من قيام الساعة {عَمُونَ} عمي لا يبصرون.
وقرأ الجمهور (?): {بَلِ ادَّارَكَ} أصله تدارك فادغمت التاء في الدال فسكنت، فاجتلبت همزة الوصل ليمكن الابتداء بالساكن، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر وحُميد وأهل مكة: {بل أدارك} على وزن أفعل، بمعنى تفاعل، ورُويت هذه القراءة عن أبي بكر عن عاصم، وقرأ أبي: {أم تدارك} على الأصل، وجعل {أم} بدل {بل} وقرأ سليمان بن يسار وأخوه عطاء بن يسار والأعمش: {بل ادارك} بنقل الهمزة إلى اللام وشد الدال، بناء على أن وزنه افتعل، فأُدغم الدال، وهي فاء الكلمة في التاء بعد قلبها دالًا فصار قلب الثاني للأول، لقولهم: اتَّرَدَ، وأصله اشتَرَدَ من الشَّرْد، والهمزة المحذوفة المنقول حركتها إلى اللام هي همزة الاستفهام، أُدخلت على ألف الوصل، فانحذفت ألف الوصل، ثم انحذفت هي، وألقيت حركتها على لام بل.
وقرأ أبو رجاء والأعرج وشيبة وطلحة وتوبة العنبري وابن عباس والأعمش وعاصم: {بل إدارك} بكسر لام بل وإثبات الياء بعدها وبهمزة قطع.
وقرأ عبد الله في رواية وابن عباس في رواية، وابن أبي جمرة وغيره عنه والحسن وقتادة وابن محيصن: {بل آدرك} بمدة بعد همزة الاستفهام، أصله أأدرك، فقلبت الثانية ألفا تخفيفًا كراهة الجمع بين همزتين، وأنكر أبو عمرو ابن العلاء هذه القراءة، ووجهها، وقال أبو حاتم: لا يجوز الاستفهام بعد بل؛ لأن بل إيجاب والاستفهام في هذا الموضع إنكار، بمعنى لم يكن، فلا يصح وقوعهما معًا للتنافي الذي بين الإيجاب والإنكار انتهى.
وقرأ مجاهد: {أم أدرك} جعل {أم} بدل {بل} وأدرك على وزن أفعل، وقرأ ابن عباس أيضًا: {بل ادارك} بهمزة داخلة على أدَّارك، فيسقط