وينشىء آخرين، وقيل: يجعلى أولادكم خلفاء عنكم، وقيل: يجعل المسلمين خلفًا عن الكفار ينزلون أرضهم وديارهم.
وحاصل المعنى (?): أي أمن تشركون بالله خير أم من يجيب المكروب الذي يحوجه المرض أو الفقر أو النازلة من نوازل الدهر إلى اللجاء، والتضرع إليه إذا دعاه وقت اضطراره، ويرفع عن الإنسان ما يسوءُه من فقر أو مرض، ويجعلكم خلفاء من قبلكم من الأمم في الأرض، فيورثكم إياها بالسكنى والتصرف فيها.
وجاء رجل إلى مالك بن دينار فقال: أسألك بالله أن تدعو لي، فأنا مضطر، قال: إذًا فاسأله، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه. وقال الشاعر:
وإنَّيْ لأدْعُوْ اللهَ وَالأَمْرُ ضيِّقٌ ... عَلَيَّ فَمَا يَنْفَكُّ أنْ يَتَفَرَّجَا
وَرُبَّ أَخٍ سُدَّتْ عَلَيْهِ وُجُوْهُهُ ... أَصَابَ لَهَا لَمَّا دَعَا اللهَ مَخْرَجَا
وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دعاء المضطر: "اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت"، وجاء في الخبر: "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده".
وفي "صحيح مسلم": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ لما وجهه إلى أرض اليمن: "واتق دعوة المظلوم فليس بينها وبين الله حجاب" وقرأ الحسن في رواية: {ونجعلكم} بنون المتكلم المعظم، كانه استئناف إخبار ووعد.
{أَإِلَهٌ} أي: هل معبود آخر كائن {مَعَ اللَّهِ} الذي يفيض على كافة الأنام هذه النعم الجسام. ثم بيَّن أن من طبيعة الإنسان أن لا يتذكر نعم الله عليه إلا قليلًا حيث قال: {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}؛ أي: تتذكرون آلاء الله ونعمه تذكرًا قليلًا، وزمانًا قليلًا، ومن ثم أشركتم به غيره في العبادة، و {مَا} مزيدة (?) لتأكيد معنى