إذا دعاه، وأخبر بذلك عن نفسه.

والحكمة في إجابة دعاء المضطر: أن ذلك الاضطرار الحاصل له يتسبب عنه الإخلاص، وقطع النظر عما سوى الله تعالى، فقد أخبر الله سبحانه بأنه يجيب دعاء المخلصين له الدين، وإن كانوا كافرين، فقال: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} وقال: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} فأجابهم عند ضرورتهم وإخلاصهم مع علمه بأنهم سيعودون إلى شركهم.

والمضطر من الاضطرار إفتعال من الضرورة، وهي الحالة المحوجة إلى اللجاء، والمضطر الذي أحوجه شدة ما به إلى اللجاء إلى الله والتضرع إليه تعالى؛ أي: بل أمن يجيب دعاء المضطر المكروب {إِذَا دَعَاهُ} ذلك المضطر إلى كشف ما به من الضرر، والضمير المنصوب راجع إلى {مَنْ} الموصولة التي أريد بها الله سبحانه، والمستتر الفاعل يعود على المضطر.

وقوله: {وَيَكْشِفُ السُّوءَ} معطوف على الصلة عطف تفسير، و {إِذَا} مجردة عن معنى الشرط؛ أي: أمن يجيب الملجأ إلى ضيق من الأمر {وَيَكْشِفُ}؛ أي: يزيل عنه {السُّوءَ} والضر الذي نزل به خير أم الذي يشركون به من الأصنام؟ وقال (?) بعضهم: فصل بين الإجابة وكشف السوء، فالإجابة بالقول والكشف بالطول، والإجابة بالكلام، والكشف بالإنعام، ودعاء المضطر لا حجاب له، ودعاء المظلوم لا مرد له، ولكل أجل كتاب اهـ.

{وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} أي: سكانها؛ أي: يجعلكم خلفاء فيها بأن ورثكم سكناها والتصرف فيها ممن كان قبلكم من الأمم، يخلف كل قرن منكم القرن الذي قبله، ومعنى هذا: أي يجعلكم متوارثين سكناها ممن قبلكم بعد انقراضهم، فتعمرون الدنيا وتزينونها بأنواع الصنائع والحرف، بمعنى: يهلك قرنًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015