معن الماء إذا جرى، فهو معين وممعون، وكذا قال ابن الأعرابي. وقيل: هو مأخوذ من الماعون، وهو النفع وبمثل ما قال الزجاج، قال الفراء.
والخلاصة: أي وجعلناهما ينزلان بمرتفع من الأرض، ذي ثمار وماء جار كثير. وفي وصف (?) ماء تلك الربوة بذلك، إيذان بكونه جامعًا لفنون المنافع، من الشرب وسقي ما يسقى من الحيوان، والنبات بغير كلفة، ومن التنزه بمنظره الحسن المعجب، ولولا أن يكون الماء البخاري، لكان السرور الأوفر فائتًا، وطيب المكان مفقودًا، ومن أحاديث المقاصد الحسنة ثلاث يجلون البصر: النظر إلى الخضرة، وإلى الماء البخاري، وإلى الوجه الحسن؛ أي: مما يحل النظر إليه، فإن النظر إلى الأمرد الصبيح ممنوع.
وقرأ الجمهور (?) وابن كثير ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي: {رَبْوَةٍ} بضم الراء، وهي لغة قريش، وقرأ الحسن وأبو عبد الرحمن وعاصم وابن عامر بفتح الراء، وأبو إسحاق السبيعي بكسرها، وابن أبي إسحاق {رباوة} بضم الراء وبالألف، وزيد بن علي والأشهب العقيلي والفرزدق والسلمي في نقل صاحب "اللوامح" بفتحها وبالألف. وقرىء بكسرها والألف.
51 - وقوله: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ} نداء (?) وخطاب لجميع الأنبياء، لا على أنهم خوطبوا بذلك دفعة؛ لأنهم أرسلوا في أزمنة مختلفة، بل على أن كلاً منهم، خوطب به في زمانه، فيدخل تحته عيسى دخولًا أوليًا، فهذا حكاية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وجه الإجمال لما خوطب به كل رسول في عصره جيء بها إثر حكاية إيواء عيسى عليه السلام، وأمه إلى الربوة إيذانًا بأن ترتيب مبادىء التنعم لم يكن من خصائصه عليه السلام، بل إباحة الطعام شرع قديم، جرى عليه جميع الرسل عليهم السلام، ووصوا به؛ أي: وقلنا لكل رسول كُلْ من الطيبات، واعمل صالحًا، فعبر عن تلك الأوامر المتعددة المتعلقة بالرسل بصيغة الجمع عند