ظهر فيهما، لا أنه ظهر على يديهما؛ لأن الولادة فيه وفيها، بخلاف الآيات التي ظهرت على يده.
فإن قلت: لم قدم عيسى هنا على أمه حيث قال: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ}، وقدمها على عيسى في سورة الأنبياء حيث قال: {وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ}؟.
قلت: قدمه هنا نظرًا لأصالته فيما ذكر، من ولادته من غير أب، وقدمها هناك نظرًا لأصالتها فيما نسب إليها، من الإحصان والنفخ.
{وَآوَيْنَاهُمَا}؛ أي: جعلنا ابن مريم وأمه يأويان وينضمان {إِلَى رَبْوَةٍ}؛ أي: إلى مكان مرتفع؛ أي (?): أنزلناهما في مكان مرتفع من الأرض، وجعلناه مأواهما ومنزلهما، وهي إيليا أرض بيت المقدس، فإنها مرتفعة، وإنها كبد الأرض، وأقربها إلى السماء، وأزيدها على سائر الأرض ارتفاعًا، بثمانية عشر ميلًا على ما يروى عن كعب وقتادة، وقال الإِمام السهيلي: أوت مريم بعيسى طفلًا إلى قرية من دمشق يقال لها: ناصرة وبناصرة تسمى النصارى، واشتق اسمهم منها. انتهى.
وقيل: هي أرض دمشق، وبه قال عبد الله بن سلام وسعيد بن المسيب ومقاتل. وقيل: أرض فلسطين، وبه قال السدي.
{ذَاتِ قَرَارٍ}؛ أي: ذات مستقر يستقر عليه ساكنوه؛ لكونها ذات ثمار وزروع، فإن ساكنيها يستقرون فيها لأجلها، أو مستويةً يمكن القرار فيها للحراثة والحراسة.
{وَمَعِينٍ}؛ أي: ذات معين، أي: ماء جار على ظاهر الأرض. قال الزجاج (?): المعين: هو الماء الجاري في العيون، فالميم على هذا زائدة، كزيادتها في منبع، وقيل: هو فعيل بمعنى مفعول، قال علي بن سليمان الأخفش: