والمعنى: أي فإذا اطماننت في السفينة أنت ومن معك، ممن حملته من أهلك وأتباعك، فقل: الحمد لله الذي نجانا من هؤلاء المشركين الظلمة، وفي هذا إيماء إلى أنه لا ينبغي المسرة بمصيبة أحد ولو عدوًا إلا إذا اشتملت على دفع ضرره، أو تطهير الأرض من دنس شركه وضلاله.
قال ابن عباس: كان في السفينة ثمانون إنسانًا نوح وامرأته غير التي غرقت، وثلاثة بنين: سام وحام ويافث، وثلاث نسوة لهم، واثنان وسبعون إنسانًا، وكل الخلائق من نسل من كان معه في السفينة.
29 - ثم أمره أن يسأل ربه ما هو أنفع له، وأتمّ فائدةً فقال: {وَقُلْ} يا نوح، حين ركبت على السفينة، أو حين خرجت منها، واستوت على الجودي، وكان يوم عاشوراء، وابتداء ركوبه السفينة كان لعشر خلون من رجب فكان مدة مكثهم في السفينة ستة أشهر {رَبِّ أَنْزِلْنِي} في السفينة أو في الأرض {مُنْزَلًا مُبَارَكًا}؛ أي: مكانًا ذا بركة وخير كثير، وهو نفس السفينة؛ لأن من ركبها خلصته من الغرق، أو وجه الأرض، وأراد بالبركة: كثرة النسل والرزق، أو كثرة الماء والأشجار فيه، قيل: أمره الله سبحانه بأن يقول هذا القول عند دخوله السفينة، وقيل: عند خروجه منها، وفي الآية، تعليم من الله لعباده، إذا ركبوا ثم نزلوا بأن يقولوا، هذا القول، والعبرة (?) بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، فهذا الدعاء ينبغي قراءته لكل من نزل في محل، يريد الإقامة فيه.
وقرأ الجمهور (?) {منزلًا} بضم الميم وفتح الزاي، فجاز أن يكون مصدرًا ومكانًا؛ أي: إنزالًا مباركًا أو مكانًا مباركًا، وقرأ أبو بكر عن عاصم والمفضل وأبو حيوة وابن أبي عبلة، وأبان وزر بن حبيش {منزلًا} بفتح المين وكسر الزاي على أنه اسم مكان؛ أي: مكانًا مباركًا.
والمعنى: أي وقيل إذا سلمت وخرجت من السفينة رب أنزلني منزلًا مباركًا، واْنت خير المنزلين؛ أي: وأنت خير من أنزل عباده المنازل في الدنيا