[30]

والآخرة، وقد أجاب الله دعاءه، حيث قال: {اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ} فبارك فيهم بعد إنزالهم من السفينة، حتى كان جميع الخلق من نسل نوح ومن معه في السفينة.

والمعنى: أنه قد يكون الإنزال من غير الله، كما يكون من الله سبحانه، فحسن أن يقول: وأنت خير المنزلين؛ لأنه يحفظ من أنزله، ويكلوه في سائر أحواله، ويدفع عنه المكاره، بخلاف منزل الضيف، فإنه لا يقدر على ذلك

30 - {إِنَّ فِي ذَلِكَ} المذكور من قصة نوح، وقومه من إنجائه اغراقهم، والخطاب فيه للرسول - صلى الله عليه وسلم - {لَآيَاتٍ}؛ أي: لدلالات تدل على كمال قدرتنا، وعلامات يستدل بها، على عظيم شأننا (?)، فإن إظهار تلك المياه العظيمة، ثم الإذهاب بها, لا يقدر عليه إلا القادر على كل المقدورات، وظهور تلك الواقعة على وفق ما قال نوح عليه السلام، يدل على المعجز العظيم، وإفناء الكفار، وبقاء الأرض لأهل الدين، من أعظم أنواع العبر في الدعاء، إلى الإيمان, والزجر عن الكفر.

{وَإِنْ كُنَّا}؛ أي: وإن الشأن كنا {لَمُبْتَلِينَ}؛ أي: لمصيبين قوم نوح ببلاء عظيم، هو الطوفان، مختبرين به عبادنا فيما بعد، لننظر من يتذكر ويتعظ، أو لمختبرين لهم بإرسال نوح إليهم، ليظهر المطيع والعاصي للناس، أو للملائكة، فـ {إِنَّ} مخففة من الثقيلة، واللام فارقة، والمعنى: وإننا كنا معاملين قوم نوح، معاملة المختبر، لننظر هل يتبعونه، ويتعظون بوعظه، أم لا وقيل: {إِنَّ} نافية واللام بمعنى: إلا؛ أي: وما كنا إلا مبتلين، كما في "السمين".

والمعنى: أي وقل: إذا سلمت وخرجت في السفينة: رب أنزلني من الأرض منزلًا مباركًا، وأنت خير من أنزل عباده المنازل الكريمة، في الدنيا والآخرة.

قال قتادة: علمكم الله أن تقولوا حين ركوب السفينة: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} وحين ركوب الدابة {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015