القوة الحيوانية، وإبانة النووي عن الجسد.

وفي "التعريفات": النفس: هي الجوهر البخاري اللطيف، الحامل لقوة الحياة والحس والحركة الإرادية. وسماه الحكيم: الروح الحيواني، فهي جوهر مشرق للبدن، فعند الميت ينقطع ضوؤه عز ظاهر البدن وباطنه، والنوم والميت أو جنس واحد؛ لأن الميت هو الانقطاع الكلي، والنوم هو الانقطاع الناقص.

والحاصل: أنه إن لم ينقطع ضوء جوهر النفس، عن ظاهر البدن وباطنه .. فهو اليقظة، وان انقطع عن ظاهره دون باطنه .. فهو النوم، أو بالكلية .. فهو الموت.

وهذا (?) العموم مخصوص بقوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} فإن الله سبحانه وتعالى حيّ دائم لا يموت، لا يجوز عليه الموت، كما أشرنا إلى هذا التخصيص أولًا بقولنا: منفوسة من خلقه. والذوق هنا: عبارة عن مقدمات الموت، وآلامه العظيمة قبل حلوله.

{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}؛ أي (?): ونختبركم أيها الناس، بالمضارّ الدنيوية، أو الفقر والآلام وسائر الشدائد، وبنعم الدنيا، أو الصحة واللذة والسرور والتمكين، من حصول ما تريدون لنرى أتصبرون في المحن، وتشكرون في المنح، فيزداد ثوابكم عند ربكم، إذا قمت بأداء ذلك، والقيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر، فالمنحة أعظم البلاءين، ومن ثم قال عمر - رضي الله عنه -: بُلينا بالضرّاء فصبرنا، وبلينا بالسرّاء فلم نصبر. وقال علي - كرّم الله وجهه -: مَن وسع عليه دنياه، فلم يعلم أنه قد مكر به .. فهو مخدوع عن عقله. وقوله: {فِتْنَةً} مصدر مؤكد لـ {نَبْلُوكُمْ} أو غير لفظه؛ في: نبلوكم بلاءً واختبارًا.

وخلاصة ذلك: أنَّا نعاملكم معاملة من يختبركم، ونفتنكم كما يفتن الذهب إذا أريد تصفيته بالنار عما يخالطه من الغش، لنرى أتصبرون في الشدائد، وتشكرون بين الرَّخاء {وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} لا إلى غيرنا، لا استقلالًا، ولا اشتراكًا؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015