[25]

عليه {مَنْ} كما دخلت على (قبل) و (بعد) و (عند). وضعّف أبو حاتم هذه القراءة لدخول (من) على (مع)، ولم أَرَ لها وجهًا. وعن طلحة {ذِكْرُ} منوّنا {معي} دون {من} و {ذِكْرُ} منوّنا {قبلي} دون {من}. وقرأ فرقة: و {ذِكْرُ مَنْ} بالإضافة و {ذِكْرُ} منوّنا {مِن قبلي} بكسر ميم {من}.

ثم لمّا توجهت الحجة عليهم، ذمّهم بالجهل بمواضع الحق فقال: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ} إضراب من جهته تعالى، غير داخل في الكلام الملقن؛ أي: إضراب من جهته سبحانه، وانتقال من تبكيتهم بمطالبتهم بالبرهان إلى بيان أنه لا يؤثر فيهم إقامة البرهان، لكونهم جاهلين للحق، لا يميّزون بينه وبين الباطل، فلا تنجع فيهم المحاجّة بظهار حقيّة الحق وبطلان الحق. وفي "بحر العلوم": كأنه قيل: بل عندم ما هو أصل الفساد كله، وهو الجهل وعدم التمييز بين الحق والباطل، فمن ثمَّة جاء الإعراض، ومن هناك ورد الإنكار {فَهُمْ} لأجل ذلك {مُعْرِضُونَ}؛ أي: مستمرون على الإعراض عن التوحيد واتباع الرسول، وأما أقلّهم العالمون فلا يقبلونه عنادًا أي: فهم (?) لأجل هذا الجهل المستولي على أكثرهم أعرضوا عن قبول الحق، وعن النظر الموصول إليه، فلا يتأملون حجةً، ولا يتدبرون برهانًا، ولا يتفكرون في دليل.

وقرأ الجمهور (?): {الْحَقَّ} بالنصب، والظاهر نصبه على المفعول به. وقرأ الحسن، وحميد، وابن محيصن {الْحَقَّ} بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هذا القول هو الحق، والوقف على هذه القراءة على {يَعْلَمُونَ}.

25 - ولما ذكر انتفاء عِلْمِهِم الحق، وإعراضهم عنه أخبر أنه ما أرسل من رسول، إلَّا جاء مقرّرًا لتوحيد الله وإفراده بالإلهية، والأمر بالعبادة، فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ} يا محمد {مِنْ رَسُولٍ} مرسل إلى أمة من الأمم {إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ}؛ أي: إلَّا أوحينا إليه {أَنَّهُ}؛ أي: أن الشأن {لَا إِلَهَ}؛ أي: لا معبود بحق في السموات والأرض {إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} أنت وأمتك؛ أي: فأخلصوا لي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015