[24]

أنه سبحانه لا يؤاخذ على أفعاله، وهم يؤاخذون. قيل: والمراد بذلك أنه سبحانه بيَّن لعباده أن من يسأل عن أعماله، كالمسيح والملائكة، لا يصلح لأن يكون إلهًا. والمعنى؛ أي (?): هو الحاكم الذي لا معقب لحكمه، ولا يعترض عليه أحد لعظمته وجلاله وعلمه وحكمته وعدله ولطفه، وهو سائل خلقه عما يفعلون كما قال: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)}، وقال: {وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ}.

24 - ثم أعاد وكرّر الإنكار مرَّةً أخرى، استفظاعًا لشأنهم، واستعظامًا لكفرهم، وإظهارًا لجهلهم، فقال: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} فـ {أَمِ} هنا بمعنى بل الإضرابية، وهمزة الإنكار كالسابقة؛ أي: للإضراب والانتقال من إظهار بطلان كون ما اتخذوه آلهةً لا يصلح للألوهية، لخلوها عن خصائصها إلى إظهار بطلان اتخاذهم تلك الآلهة، مع خلوها عن تلك الخصائص بالمرة. والهمزة لإنكار الاتخاذ المذكور، واستقباحه اهـ "أبو السعود"؛ أي: أبعد ظهور هذه الأدلة، يقولون: إن لله شركاء. و {مِنْ} متعلقة بـ {اتَّخَذُوا}، والمعنى: بل اتخذوا متجاوزين إياه تعالى آلهةً مع ظهور خلوهم عم خواص الألوهية بالكلية.

ثم أمرهم بإقامة الدليل على صحة ما يدَّعون، فقال: {قُلْ} لهم يا محمد بطريق الإلزام وإلقام الحجر {هَاتُوا}؛ أي: (?) أعطوني {بُرْهَانَكُمْ}؛ أي: حجتكم على ما تدّعون من جهة العقل والنقل، فإنه لا صحة لقول لا دليل عليه في الأمور الدينية، لا سيما في مثل هذا الشأن الخطير. قال في "المفردات": البرهان أوكد الأدلة، وهو الذي يقتضي الصدق أبدًا. أي: قل لهم: هاتوا برهانكم على دعوى أنها آلهة، أو على جواز اتخاذ آلهةٍ سوى الله تعالى، ولا سبيل لهم إلى شيء من ذلك، لا من عقلٍ، ولا من نقلٍ؛ لأن دليل العقل قد مرَّ بيانه. وأمّا دليل النقل فقد أشار إليه بقوله: {هَذَا} الوحي الوارد في شأن التوحيد المتضمّن للبرهان القاطع {ذِكْرُ مَنْ مَعِي}؛ أي: عظةٌ من معي من أمتي، وتذكيرهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015