عما يقول هؤلاء المشركون من أن له ولدًا، وشريكًا وصاحبةً.
والفاء في قوله: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ} لترتيب ما بعدها على ما قبلها من ثبوت الوحدانية بالبرهان، أي: إذا ثبتت الوحدانية بالبرهان، فنزّهوا الله تنزيهًا عما يقول الكفار من وجود آلهة غير الله تعالى، وفيه إرشاد للعباد أن ينزَّهوا الربَّ سبحانه عما لايليق به
23 - ثم أكد هذا التنزيه بقوله: {لَا يُسْأَل} سبحانه {عَمَّا يَفْعَلُ}؛ أي: عما يحكم في عباده من إعزاز، وإذلال، وهدى وإضلال، وإسعاد، وإشقاء لأنه المالك القاهر. فهذه الجملة مستأنفة مبيّنة أنه سبحانه لقوة سلطانه، وعظيم جلاله، لا يسأله أحدٌ من خلقه عن شيء من قضائه وقدره، وإنما لا يسأل سبحانه سؤال إنكار، ويجوز السؤال عنه على سبيل الاستكشاف والبيان كقوله: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ}، وعلى سبيل التضرّع والحاجة كقوله تعالى حكاية عن الكافر: {رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا}. قال في "بحر العلوم" (?): إنما لا يسأل عما يفعل؛ لأنَّه ربّ مالك علّام، لا نهاية لعلمه، وكل من سواه مربوبٌ مملوك، جاهلٌ لا يعلم شيئًا إلَّا بتعليم، فليس للمملوك الجاهل أن يعترض على سيّده العليم بكل شيء فيما يفعل ويقول: لم فعلت؟ وهلّا فعلت؟ مثلًا.
{وَهُمْ}؛ أي: العباد {يُسْأَلُونَ} عما يفعلون نقيرًا وقطميراً؛ لأنهم مملوكون مستعبدون خطاؤون فيقال لهم في كل شيء فعلوه: لم فعلتم؟. والسؤال استدعاء معرفة، أو ما يؤدي إلى المعرفة، وجوابه على اللسان، واليد خليفة له بالكتابة أو الإشارة. فإن قيل: ما معنى السؤال بالنسبة إلى الله تعالى؟
قلنا: تعريف للقوم وتبكيتهم، لا تعريف لله تعالى فإنه علام الغيوب، فالسؤال كما يكون للاستعلام يكون للتبكيت. وقرأ الحسن {لا يسل وهم يسلون} بفتح السين، نقل حركة الهمزة إلى السين، وحذف الهمزة. وقيل: إن المعنى (?)