[19]

سَأَتْرُكُ مَنْزِلِيْ لِبَنِيْ تَمِيْمٍ ... وَأَلْحَقُ بِالْحِجَازِ فَأسْتَرِيْحَا

وقرىء {فَيَدْمَغُهُ} بضم الميم، انتهى.

وحاصل معنى الآية: أي أنَّ من شأننا أن نرمي الحق الذي من جملته الجدّ على الباطل الذي منه اللعب، فيكسر دماغه بحيث يشق غشاءه، فيؤدي ذلك إلى زهوق روحه فيهلك، وقد شبّه الباطل بإنسان كسر دماغه فهلك، وإذا كان هذا من شأننا فكيف نترككم بلا إنذار، كأننا خلقناكم لنلهو بكم ولكم العذاب الشديد من وصفكم ربكم بغير صفته، وقولكم: إنه اتخذ ولدًا وزوجة، وافتراؤكم ذلك عليه.

19 - ولمَّا حكى كلام الطاعنين في النبوات (?)، وأجاب عنها، وبيَّن أن غرضهم من تلك المطاعن إنما هو التمرّد، والعناد .. بيَّن في هذه الآية أنه غني عن طاعتهم؛ لأنه هو المالك لجميع المخلوقات، والملائكة على جلالة قدرهم مطيعون له، خائفون منه، فأجدر بالبشر على ضعفهم أن يطيعوه، وما أخلقهم أن يعبدوه، فقال: {وَلَهُ} سبحانه وتعالى لا لغيره {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: جميع المخلوقات فيهما خلقًا، وملكًا، وتدبيرًا، وتصرفًا، وإحياءً وإماتة وتعذيبًا، وإثابةً دون أن يكون لأحد في ذلك سلطان، لا استقلالًا، ولا استتباعًا. وقوله: {وَمَنْ عِنْدَهُ} سبحانه وتعالى معطوف على (من) الأولى، من عطف الخاص على العام؛ أي: وله (?) سبحانه الملائكة المكرمون عنده، المنزَّلون لكرامتهم عليه منزلة المقرّبين عند الملوك على طريقة التمثيل والبيان لشرفهم وفضلهم على أكثر خلقه، لا على الجميع كما زعم أبو بكر الباقلاني، وجميع المعتزلة، فالمراد بالعندية: عندية الشرف، لا عندية المكان والجهة، و"عند" وإن كان من الظروف المكانية إلَّا أنه شبَّه قرب المكانة والمنزلة بقرب المكان والمسافة، فعبَّر عن المشبّه بلفظ المشبّه به.

وجملة قوله: {لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} حال من (من) الثانية؛ أي: وله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015