لا من شأن رب العالمين، ونحو الآية قوله: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4)}.
18 - وقوله: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ} اضراب (?) عن اتخاذ الولد وإرادته، كأنه قيل: لكتا لا نريد اتخاذ اللهو والولد، بل شأننا أن نقذف بالحق الذي من جملته الجدّ والإيمان, والقرآن ونحوها، ونرميه، ونغلبه على الباطل الذي من جملته اللهو، والكفر، والأباطيل الأخر {فَيَدْمَغُهُ}؛ أي: يصيب دماغه فيهلكه ويعدمه ويذهبه بالكلية، كما فعلنا بأهل القرى المحكية {فَإِذَا} فجائية {هُوَ}؛ أي: الباطل {زَاهِقٌ}؛ أي: ذاهب بالكلية. والزهوق ذهاب الروح. يقال: زهقت نفسه خرجت من الأسف. وفي "إذا" المفاجاة، والجملة الاسمية من الدلالة على كمال المسارعة في الذهاب والبطلان ما لا يخفى، فكأنه زاهق من الأصل، فجملة قوله: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ} انتقال من إرادة اتخاذ اللهو إلى تنزيه ذاته تعالى، كأنه تعالى قال: سبحاننا أن نريد اتخاذ اللهو، بل شأننا بمقتضى حكمتنا أن نغلب اللعب بالجد، وندحض الباطل بالحق. والمقصود من هذه الآية: تقرير نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، والردّ على منكريها؛ لأنه تعالى أظهر المعجزة عليه - صلى الله عليه وسلم -، فإن كان محمد كاذبًا .. كان إظهار المعجزة عليه من باب اللعب، وذلك منفي عنه تعالى، وإن كان صادقًا .. فهو المطلوب، وحينئذٍ يفسد كل ما ذكروه من المطاعن {وَلَكُمُ} يا كفار مكة {الْوَيْلُ}؛ أي: شدة العذاب {مِمَّا تَصِفُونَ} "من" تعليلية متعلقة بالاستقرار الذي تعلق به الخبر؛ أي: استقرَّ لكم الويل والهلاك أيها المشركون من أجل وصفكم له سبحانه بما لا يليق بشأنه الجليل من اتخاذ الصاحبة والولد، ووصف كلامه بأنه سحر، وأضغاث أحلام، ونحو ذلك من الأباطيل.
وقرأ عيسى بن عمر (?): {فَيَدْمَغُهُ} بنصب الغين. وقال الزمخشري: وهو في ضعف كقوله: