على أنه مصدر بمعنى المفعول. وقال الراغب: "اللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمّه، ويعئر به عن كل ما به استمتاع باللهو قال تعالى: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا}، وقول من قال: أراد باللهو المرأة والولد فتخصيص ببعض ما هو من زينة الحياة الدنيا" انتهى. {لَاتَّخَذْنَاهُ}؛ أي: لاتخذنا اللهو. جواب لو {مِنْ لَدُنَّا}؛ أي: من عندنا، ومن جهة قدرتنا عليه، لا من عندكم لتعلقها بكل شيء من المقدورات، أو مما نصطفيه ونختاره مما نشاء من خلقنا من الحور العين، أو من غيرها. قال الواحدي: "معنى {مِنْ لَدُنَّا} من عندنا بحيث لا يظهر لكم، ولا تطلعون عليه، ولا يجري لأحد فيه تصرف؛ لأن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده لا عند غيره". وفي (?) هذا: ردّ على من قال بإضافة الصاحبة، والولد إلى الله، - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرًا -. وقيل: أراد الرَّدَّ على من قال: الأصنام أو الملائكة بنات الله. وقال ابن قتيبة: الآية ردّ على النصارى {إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} ذلك الاتخاذ لاتخذناه، لكن (?) تستحيل إرادتنا ذلك لمنافاته الحكمة، لا لعدم القدرة على اتخاذه ولا لغيره، فيستحيل اتخاذنا له قطعًا. و {إِنْ} للشرط على سبيل الفرض والتقدير، وجواب "إنْ" محذوف لدلالة جواب المتقدم عليه؛ أي: إن كنا فاعلين لاتخذناه، ويجوز أن تكون {إن} نافية؛ أي: ما كنا فاعلين اتخاذ اللهو لعدم إرادتنا به. أي: (?) لو أردنا أن نتخذ لهوًا كما يتخذ العباد لاتخذناه من عندنا من العوالم المجردة من المادة كالملائكة، لكنَّا لا نتنَّزل لملابسة ما هو من شأنكم المادي كالزوج والولد، إذ لا يجمل بنا؛ لأنه خارج عن سنن حكمتنا، وقوانين نظامنا، ورفعة قدرنا، فنحن لا نلهو بالصور الجسمية، ولا بالنفوس الروحية.

وخلاصة هذا: أنا خلقناكم لحكمة، وصوّرناكم لغاية، وجعلنا لكم السمع والأبصار لمنافع قدرناها لكم، لا للهونا ولعبنا، ومن ثمّ لا نترككم سدًى، بل نحاسبكم ونؤاخذكم، والجد مطلبنا، واللهو واللعب من شأن العبيد المخلوقين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015